في عالم تمتلئ شاشاته بأسماء لامعة، تظل أنجلينا جولي واحدة من القلائل الذين تجاوزوا حدود النجومية إلى ميادين أوسع. بينما تروّج نظيراتها من النجمات لمنتجات التجميل وتشاركن صور المناسبات، اختارت جولي أن تجعل من صوتها صدى لمعاناة اللاجئين والمحرومين حول العالم.
انطلاقة من الظل
نشأت جولي ابنة الممثلة مارشلين برتراند والنجم الحائز على الأوسكار جون فويت، في بيئة فنية، لكنها حملت في طيات شخصيتها صراعات داخلية صعبة.
عانت في شبابها من اضطرابات نفسية وأفكار سوداوية، لكنها وجدت في التمثيل نافذة للانعتاق، وسرعان ما برزت في أدوار قوية مثل “جيا” و”فتاة قوطعت”، لتفوز بجائزة الأوسكار وتبدأ مسيرتها العالمية.
نجمة، مخرجة، وأم
مع توالي النجاحات، اتجهت جولي نحو الإخراج، ووقّعت أفلامًا نالت استحسان النقاد مثل Unbroken وFirst They Killed My Father.
كما شكلت علاقتها الشهيرة ببراد بيت محورًا للجدل والإعجاب، وتوجت الأمومة باحتضان ستة أطفال، ثلاثة منهم بالتبني.
وصرّحت جولي في إحدى مقابلاتها: “كنت أعلم أن مسؤولية مادوكس لن تسمح لي بتدمير نفسي مرة أخرى”.
من هوليوود إلى الخنادق الإنسانية
وبعيدًا عن البساط الأحمر، تمارس أنجلينا جولي دورًا أكثر عمقًا. فقد كانت لسنوات طويلة سفيرة للنوايا الحسنة، ثم مبعوثة خاصة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وخلال هذه المهام، زارت جولي مخيمات في تشاد وسوريا والعراق، ووقفت على منصات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، داعيةً لحماية حقوق اللاجئين وتمكين النساء.
ولا تكتفي جولي بالكلمات، بل تستخدم شهرتها لجمع التبرعات، وتخصص حسابها على “إنستغرام” لنشر رسائل إنسانية حول قضايا منسية، من معاناة اللاجئين السودانيين إلى نضال النساء في إيران، مرورًا بتوثيق تداعيات الاستعمار
شجاعة الاعتراف والوقاية
وفي واحدة من أكثر لحظاتها جرأة، أعلنت جولي خضوعها لعملية استئصال الثديين والمبيضين كإجراء وقائي من السرطان، بعد فقدان والدتها وقريباتها للمرض ذاته.
تحوّلت شهادتها إلى مصدر إلهام عالمي، وفتحت نقاشًا واسعًا حول الجراحة الوقائية وحق النساء في المعرفة والاختيار.
نجم يتوهج بالمعنى
في عامها الخمسين، تواصل أنجلينا جولي إثبات أن النجومية الحقيقية ليست فقط على السجادة الحمراء، بل أيضًا في المستشفيات والمخيمات وقاعات الأمم المتحدة.
لقد اختارت أن تكرّس شهرتها لما هو أبعد من الأضواء، وأن تكون حاضرة حيث يحتاج العالم لصوت شجاع ووجه إنساني.