سوريا تُعيد رسم “ملامح الاحتشام” في الشواطئ والشوارع

- Advertisement -

في مشهد يعكس التحولات الجارية في الهوية المجتمعية لسوريا بعد التغيير السياسي الذي شهده البلد أواخر العام الماضي، أعلنت وزارة السياحة السورية، الثلاثاء، عن تعليمات جديدة تضبط قواعد اللباس في الشواطئ والمسابح العامة، مطالبة الزوار بالامتثال لملابس أكثر “احتشامًا”، “مراعاة للذوق العام والتنوع الثقافي والديني” بحسب ما ورد في القرار الرسمي.

البوركيني بديلًا للبكيني… و”اللباس الفضفاض” معيار الاحترام

وبموجب القرار الجديد، طُلب من النساء ارتداء البوركيني أو ملابس سباحة تغطي الجسم بشكل أكبر، كما يُشترط ارتداء رداء فضفاض عند الانتقال خارج مناطق السباحة.

أما الرجال، فعليهم تجنب الظهور مكشوفي الصدر في الأماكن العامة كالمطاعم والفنادق.

وبينما شددت الوزارة على ضرورة “احترام ثقافة المجتمع السوري”، فقد أوردت تعليمات أكثر مرونة ضمن المنتجعات السياحية المصنفة بأربع نجوم وما فوق، حيث يُسمح بارتداء ملابس السباحة الغربية “ضمن حدود السلوك الحضاري والآداب العامة”.

تعزيز الاحتشام… خطوة في سياق أوسع

القرار، الذي لم يتضمّن تفاصيل بشأن آليات تطبيقه أو العقوبات المحتملة، يأتي ضمن سياق سياسي واجتماعي أوسع، حيث تعمل الحكومة الانتقالية على إعادة رسم ملامح المجال العام بما يعكس “الهوية الأخلاقية” و”القيم المجتمعية الأصيلة”، على حد وصفها، خاصة في قطاعات التعليم والإعلام والسياحة.

وكانت السلطات الجديدة قد شددت منذ توليها الحكم على عزمها تعزيز التوجه المحافظ في الحياة اليومية، في ظل تغير ملامح السلطة بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد أواخر العام المنصرم.

انقسام شعبي بين مؤيد ورافض

وأثار القرار تفاعلات متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، بين من رأى فيه ضرورة لحماية الذوق العام وتعزيز الخصوصية الثقافية، وبين من اعتبره تقييدًا للحريات الشخصية وتراجعًا عن مناخ الانفتاح الذي ميّز بعض المناطق الساحلية في العقود الماضية.

علّقت شذا على صفحة وزارة السياحة قائلة: “سوريا بلد معتدل ومنفتح، ويجب أن يتسع للجميع بدون قيود…”، بينما كتب يحيى قبيشو: “مراعاة ثقافة المجتمع السوري واجبة، شكرا لكل من يحترمها”.

من “العُرف” إلى “القرار”… هل تغيّرت الشواطئ السورية؟

لطالما اتسمت الشواطئ العامة في سوريا بطابع محتشم تقليديًا، بحكم العُرف السائد أكثر من القانون، حيث كان لباس البحر الكاشف نادرًا في الأماكن المفتوحة، ويقتصر غالبًا على المنتجعات الخاصة أو فنادق الخمس نجوم.

إلا أن القرار الجديد ينقل هذه الأعراف إلى إطار تنظيمي واضح، يُلزم المستثمرين والمنتجعات بتطبيقه، وتوضيحه عبر لافتات وإرشادات بارزة للزوار.

قراءة في التحوّلات

ولا يعتبر هذا القرار مجرد تنظيم سياحي، بل مؤشر على مرحلة جديدة في سوريا، تسعى من خلالها السلطة إلى إعادة تشكيل المجال العام وفق مرجعيات أخلاقية ودينية، ما يثير تساؤلات حول مستقبل الحريات الشخصية، وحدود التعدد الثقافي في مجتمع متنوّع، عاش سنوات من الانقسام والصراع.

علاء البكري – وكالات