في سابقة علمية مغربية تسلط الضوء على العلاقة بين العلاج النفسي والرعاية الطبية، كشفت دراسة حديثة أجراها فريق من الأطباء والباحثين المغاربة عن فعالية “العلاج بالموسيقى التلقائي” في التخفيف من حدة القلق لدى النساء المصابات بسرطان الثدي وسرطانات الجهاز التناسلي أثناء خضوعهن للعلاج الإشعاعي.
تجربة سريرية رائدة تنبع من المغرب
ونُشرت هذه الدراسة العلمية في المجلة الطبية الدولية “Cureus”، واعتُبرت أول عمل بحثي من نوعه في المغرب يُنجز في هذا الحقل الطبي الدقيق.
وأنجز الدراسة فريق متعدد التخصصات يضم الدكتور محمد الحفيد، المختص في الأورام الإشعاعية، والدكتور عادل نجدي، المتخصص في الطب العام، إلى جانب الدكتورة نبيلة سلال، الباحثة في علم الأورام، وكل من الدكتورتين سلوى المرابط وفضيلة بوسغيري، العاملتين بمستشفى محمد السادس بمدينة طنجة.
واستند الفريق إلى تحليل بيانات سريرية لنساء خضعن للعلاج الإشعاعي، حيث جرى إدخال الموسيقى كجزء من البروتوكول العلاجي النفسي، ضمن تسلسل زمني دقيق يشبه منحنى حرف U، يبدأ بإيقاعات هادئة، يتدرج نحو إيقاعات محفزة، ثم يعود إلى التهدئة، مما يساعد الجسم والعقل على المرور بانسيابية من حالة التوتر إلى الاسترخاء.
نتائج مبشرة تدعو إلى التوسيع والتكرار
وأظهرت الدراسة أن هذا النمط من العلاج الموسيقي التلقائي أسهم بشكل لافت في تقليص مستويات القلق لدى المريضات، وساهم في تحسين مزاجهن العام خلال فترات العلاج الإشعاعي، التي عادة ما تكون شاقة نفسيًا وجسديًا.
ولم يقتصر الأثر الإيجابي على الجانب النفسي فحسب، بل بدا أن التفاعل مع العلاج الطبي تحسّن كذلك، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة أمام تبني مقاربات علاجية شمولية تستحضر البعد النفسي في الطب السرطاني.
نحو طب شمولي يدمج الإنسان بجوانبه كافة
ودعت الدراسة بوضوح إلى توسيع نطاق هذه التجربة على مؤسسات صحية أخرى داخل المغرب، مؤكدة أن الاستثمار في العلاج النفسي المساند ليس ترفًا، بل ضرورة علمية وإنسانية تضمن شمولية الرعاية، وتحسن جودة حياة المرضى، خاصة في مواجهة أمراض خطيرة كالسرطان.
وفي ظل تنامي الاهتمام العالمي بالعلاج بالموسيقى كرافد مكمل للطب التقليدي، تبدو هذه التجربة المغربية نموذجًا يحتذى، يجمع بين المعالجة السريرية والاعتناء بالجانب الإنساني في آن واحد، وهو ما قد يضع المغرب في طليعة الدول العربية التي تواكب التطور العلمي في هذا المجال.