كوريا الجنوبية تسجّل أعلى ارتفاع في أعداد المواليد منذ 34 عام

- Advertisement -

في مفارقة ديموغرافية تعكس دينامية جديدة داخل مجتمع لطالما عانى من تراجع معدلات الإنجاب، سجّلت كوريا الجنوبية خلال شهر أبريل 2025 أعلى نسبة ارتفاع في عدد المواليد منذ أكثر من 34 عامًا. 

وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن المكتب الكوري للإحصاء، اليوم الأربعاء، أن عدد الرضّع المولودين خلال هذا الشهر بلغ 20 ألفًا و717، بزيادة بلغت نسبتها 8.7 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث لم يتجاوز عدد المواليد آنذاك 19 ألفًا و59.

ويعد هذا الارتفاع هو الأسرع من نوعه منذ أبريل 1991، ما يعكس مؤشرات واعدة على صعيد التغيرات السكانية التي ظلّت تؤرّق السلطات لعقود، في ظل ما وُصف بتقلّص “الجيل القادم”. 

والأهم من طلك، تجاوز عدد المواليد عتبة العشرين ألفًا لأول مرة منذ ثلاث سنوات، منذ أبريل 2022 حين تم تسجيل 21 ألفًا و164 حالة ولادة.

الزواج يعود إلى الواجهة

ولم تكن الطفرة المسجلة في المواليد بمعزل عن منحى تصاعدي موازٍ على صعيد عدد حالات الزواج، حيث أظهرت البيانات نفسها ارتفاعًا بنسبة 4.9 في المئة خلال أبريل، ليصل مجموع حالات الزواج إلى 18 ألفًا و921، وهو رقم يعزز الاتجاه المتواصل نحو الاستقرار الأسري بعد سنوات من العزوف.

هذا التغير لا يُقرأ فقط بوصفه رقمًا ديموغرافيًا، بل باعتباره مؤشرًا على تحوّل اجتماعي أعمق، يشير إلى بداية استعادة ثقة الشباب الكوري في مؤسسة الزواج، وإن بشكل تدريجي، في ظل تغيرات اقتصادية وسياسات حكومية داعمة.

بين القيم الجديدة وضغط المعيشة

لطالما واجهت كوريا الجنوبية أزمة ديموغرافية خانقة، حيث باتت تُسجل أدنى معدلات الخصوبة في العالم، وهو ما ارتبط بعدة عوامل أبرزها الضغوط الاقتصادية وغلاء المعيشة، إلى جانب تحوّل القيم المجتمعية، وازدياد تفضيل الأفراد لحياة أكثر استقلالية بعيدًا عن الزواج والإنجاب. 

ودفع هذا الواقع الحكومة إلى اعتماد استراتيجية متكاملة لتحفيز السكان، شملت منحًا مالية للمتزوجين، وإعانات سخية لرعاية الأطفال، فضلاً عن برامج إسكانية وتوظيفية، ضمن خطة تهدف إلى استعادة التوازن السكاني.

تحديات مستمرة وآمال مرتقبة

ورغم هذا التحسن النسبي، يؤكد الخبراء أن الطريق ما يزال طويلاً أمام كوريا الجنوبية لتجاوز أزمتها الديموغرافية بشكل مستدام. فالمؤشرات الأخيرة، وإن كانت إيجابية، إلا أنها قد تعكس ظواهر ظرفية، ما لم تتعزز بسياسات طويلة المدى تراعي تطلعات الشباب وتعيد الاعتبار للأسرة باعتبارها نواة المجتمع.