نجية تزروت: ارتفاع الطلاق بالمغرب نتاج تحولات اجتماعية واقتصادية عميقة

- Advertisement -

أكدت الناشطة الحقوقية نجية تزروت، رئيسة شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع، أن الارتفاع الملحوظ في نسب الطلاق بالمغرب لم يعد مجرد حالات متفرقة، بل أصبح ظاهرة ترتبط بمجموعة من التحولات التي يعرفها المجتمع على مستويات متعددة.

وعي جديد يغير معادلة استمرار الزواج


أوضحت تزروت في تصريح خاص لمجلة “فرح”، أن تزايد نسب الطلاق يعود إلى تنامي الوعي بالحقوق الفردية لدى النساء والرجال على حد سواء، وتراجع القبول الاجتماعي بالعلاقات الزوجية غير الصحية.
وأشارت إلى أن العوامل الاقتصادية من بطالة وضغط معيشي وأزمة سكن تعمق هشاشة الحياة الزوجية، في ظل غياب الإعداد النفسي والاجتماعي للزواج وضعف مهارات التواصل بين الأزواج.
كما شددت على أن مدونة الأسرة بعد سنة 2004 مكنت النساء من إنهاء العلاقة الزوجية في الحالات التي تستحيل فيها الحياة المشتركة عبر مسطرة الشقاق، إذ كانت نساء كثيرات قبل هذه السنة محرومات من حق وضع حد لزواج مؤذ أو غير قابل للاستمرار.

تحولات القيم: من الطاعة إلى التفاوض


اعتبرت تزروت أن التحولات القيمية داخل المجتمع ساهمت بدورها في ارتفاع الطلاق، حيث انتقل النموذج الأسري من منطق تقليدي قائم على سلطة أحادية إلى نموذج يقوم على المساواة والتفاوض.
وتقول إن هذا التحول يخلق أحياناً صداماً عندما لا تواكبه تغيّرات ذهنية وثقافية، خصوصاً لدى الأزواج الذين ما زالوا يتشبثون بتصورات قديمة للأدوار داخل البيت.
وتضيف أن جزءاً مهماً من طلبات الطلاق اليوم مصدره نساء يعانين من العنف الزوجي أو غياب التفاهم، ما يعكس قصوراً في الآليات القانونية والاجتماعية لحماية الزوجات.

دور المساعدين الاجتماعيين


ورغم أهمية تدخل المساعدين والمساعدات الاجتماعيين في دعم الأسر قبل الوصول إلى الطلاق، تعتبر تزروت أن دورهم ما يزال محدوداً، بسبب نقص التكوين وغياب التأطير المؤسساتي وضعف حضورهم داخل المحاكم ومؤسسات الوساطة.
وتؤكد أن تعزيز حضور هؤلاء المتخصصين من شأنه الحد من كثير من حالات التفكك الأسري عبر المواكبة النفسية والاجتماعية.

مدونة الأسرة: ورش إصلاح مستعجل


دعت رئيسة شبكة “إنجاد” إلى إصلاح عميق وشامل لمدونة الأسرة يضمن المساواة الفعلية بين الزوجين في الحقوق والواجبات، ويوفر حماية أكبر للنساء والأطفال، ويؤسس لآليات فعالة للوساطة قبل اللجوء إلى القضاء.
كما شددت على ضرورة تكوين المتدخلين في قضايا الأسرة وفق مقاربة النوع والعدالة الاجتماعية، وتوفير فضاءات مؤسساتية للدعم والإرشاد الأسري.

الإصلاح الحقيقي هو الذي يصون الكرامة


أكدت تزروت أن معالجة ارتفاع نسب الطلاق لا ينبغي اختزالها في الأرقام، بل في فهم جذور الأزمة، مضيفة أن الإصلاح الحقيقي هو الذي يضع كرامة المرأة والرجل والطفل في قلب الأسرة، ويجعل من العدالة والمساواة أساساً لاستقرارها.

إيمان البدري