حليمة عدن ليست الأخيرة.. عنصرية عالم الموضة ضد المحجبات

- Advertisement -

تداولت وسائل الإعلام مؤخرا إعلان حليمة عدن، وقرارها بترك عالم الموضة، وهي إحدى أفضل عارضات الأزياء في العالم، ومن أولهن ارتداء للحجاب على منصات عرض الأزياء، حيث عزت قرارها إلى أنها طالما شعرت بأنها مجبرة على المساومة بمعتقداتها الدينية، مشيرة إلى مواقف اضطرت فيها لترك الصلاة أو ارتداء حجاب لا يتماشى مع معتقداتها.

في مقاله الذي نشره موقع “ذا دايلي بيست” (The Daily Beast)، بحث كريستوفر فريزر في عنصرية عالم الموضة ضد المرأة المسلمة من خلال استعراض قصص مسلمات عاملات في هذا المجال.

في صدد ذلك، ومع تزايد عدد النساء المسلمات في المجتمعات الأميركية والأوروبية، تطالب جماعات الحقوق المدنية، بما في ذلك الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، بحق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب، كما يطالب الناشطون الآن بتمثيل تنوع النساء المسلمات في عالم الموضة، ومعاملة العاملات فيه باحترام.

نقل الكاتب عن عارضة الأزياء المسلمة رفيقة أخضر أن التمثيل الإسلامي في قطاع الموضة يقتصر على شكل واحد للمرأة المحجبة؛ المرأة المسلمة التي في إطار العبور العرقي تبدو كما لو أنها أوروبية، حيث تساءلت “كم عدد المسلمات في العالم؟ يعد الإسلام أسرع الأديان انتشارا عالميا؛ لذلك يجب أن تزداد وتيرة التمثيل الإسلامي عما هي عليه. المرأة المسلمة موجودة وعصرية؛ لكنها مهمّشة على الدوام”.

في المقابل، تساءلت المدونة الناشطة في مجال الموضة، هدى كاتبي، عن قيمة التمثيل الإسلامي الحالي في عالم الأزياء، وقالت “تستغل صناعة الأزياء تعنيف النساء المسلمات. يعد الحوار حول التمثيل أكثر تعقيدا من تصوير بعض المسلمات على أغلفة المجلات”.

توسع نشاط هدى كاتبي ليشمل المطالبة بحقوق عمال مصانع الملابس، الذين يعانون من ظروف عمل سيئة تعد انتهاكات لحقوق الإنسان. تقول كاتبي إنه من أجل تحقيق المساواة الحقيقية في تمثيل المسلمين، يجب أن يكون هناك تمثيل لهؤلاء العاملين. وقد طالبت منظمات حقوق الإنسان بإنهاء العمل القسري للأقليات المسلمة في سلاسل توريد الملابس في بلدان مثل الصين.

علاوة على ذلك، أفادت كاتبي بأن هناك استهتارا بثقافات وعادات الآخرين في مجال الأزياء، وتذكر تجربتها في إحدى جلسات التصوير، حيث قيل لها إنهم أرادوا منها ارتداء الحجاب كما لو كان اختياريا، وتجاهلوا طلباتها بإخلاء غرف تغيير الملابس من الرجال.

أضافت قائلة “لقد عانت الكثير من النساء المسلمات من هذه المشكلات خلف الكواليس، وغالبا ما لا يتم الإفصاح عنها؛ لأن المعايير المحددة لمعاملة النساء المسلمات متدنية جدا. نجاح عارضات الأزياء المسلمات في الظهور على أغلفة المجلات وحملات الموضة لا يعني أن طريقهن كان سهلا؛ بل غالبا ما يكون مؤلما”.

بين الكاتب أن قطاع الأزياء قد أجرى بعض التغييرات التدريجية من حيث أشكال التمثيل على مدى السنوات الماضية. في عام 2016، اختارت العلامة التجارية “كوفرغيرل” (covergirl) نورا عافية؛ لتكون أول سفيرة محجبة لشركة المستحضرات. كما تبيع شركة “نايكي” (Nike) الآن حجابا خفيف الوزن للمسلمات، ولديها حملة كاملة مخصصة للاعبات الرياضة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، يشعر العديد من النساء المسلمات بأن القطاع ما زال يظهر ضعفا في تمثيلهن.

في إطار ذلك، أشارت عارضة الأزياء المسلمة، سنية بلال، إلى أن عالم الأزياء قدم صورة منقوصة عن النساء المسلمات، حيث ركز على تمثيل النساء العربيات، دون المسلمات ذوات البشرة السوداء. فقالت سنية بلال “أحد أكبر التحديات التي شهدتها مع التمثيل الإسلامي هو عدم تمثيل أي امرأة مسلمة سوداء على الإطلاق. حتى عندما تشاهد الشخصيات المسلمة في البرامج التلفزيونية، فعادة ما يكن عربيات مسلمات، أو ممثلين وممثلات بيض يرتدين حجابا بطريقة غير صحيحة، وملابس لا تمثل هويتنا”.

في عملها كعارضة أزياء، شهدت سنية بلال جلسات تصوير خلت من أي إدراك حقيقي لمعنى الحجاب أو الاحتشام، وطُلب من عارضات الأزياء المسلمات ارتداء أكمام قصيرة أو ارتداء الحجاب بطرق خاطئة. وأضافت “يجعلنا ذلك نشعر وكأننا منبوذات. كما لا يقدم فريق الإنتاج أي خيارات للحوم حلال للمسلمين”.

مع ذلك، تعلمت سنية بلال كيفية الدفاع عن نفسها عندما حاولت إحدى المصممات إجبارها على ارتداء سترة تكشف عن عنقها، ثم قامت بتثبيته بنفسها؛ ليتماشى مع إطلالاتها المحتشمة قبل الخروج على المسرح، ومع أن المصممة أصرت من قبل على طريقة ارتدائه؛ إلا أن ذلك لم يشكّل أي مشكلة في نهاية الأمر.

من ناحية أخرى، قالت المديرة التنفيذية لشركة “هوت حجاب” (Haute Hijab) للأزياء المحتشمة، ميلاني إلتورك، إن “النساء المسلمات يشعرن بالارتياب من اقتحام الجهات الخارجية فضاءهن الخاص منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول”. وأضافت “باعتباري محامية، عملت في العديد من قضايا الحقوق المدنية لسنوات، وشهدت كيف تعرضت النساء المسلمات للنصب حتى قبل 11 سبتمبر/أيلول”؛ لذلك ينبغي على العلامات التجارية دراسة طرق تسويق سلعها للنساء المسلمات بصورة أعمق.

وفقا لـ”مركز بيو للأبحاث” (Pew Research Center)‏، سينتشر الإسلام بوتيرة أسرع من أي دين عالمي رئيسي خلال السنوات الأربع المقبلة، ومن المتوقع أن يصل عدد المسلمين في العالم إلى 2.76 مليار بحلول عام 2050. كما تقل أعمار 34% من السكان المسلمين عن 15 عاما، وسترغب العلامات التجارية في تلبية احتياجات هؤلاء المستهلكين الشباب الصاعدين، الذين سيشكلون جزءا كبيرا من مستقبل الموضة والتسوق، فلا مفر من التغيير.

نظرا لأن المدافعين عن تمثيل المسلمين في عالم الأزياء قد عملوا على تسليط الضوء على هذه القضايا، فقد ظهرت شركات مثل “موديست فيجنز” (Modest Visions) في المملكة المتحدة؛ لتسهيل تواصل العلامات التجارية مع عارضات الأزياء والمؤثرات المسلمات من جيل الألفية، وذلك بهدف إقامة شراكات.

المصدر : الصحافة الأميركية