أخبارالأسرة و المجتمعمختلفات

عودة الرياضة إلى المدرسة هي في الاصل كعودة الطفل إلى حضن أمه

وبتجرببتي كمنسق تربوي للتربية الدامجة بالسجون يمكنني ان اجزم ان الرياضة آلية فعالة وسريعة للادماج شريطة ان تكون مؤطرة تاطيرا علميا رصينا

ذ. محمد الطيب بوشيبة

أجمع باحثون مغاربة على أن إلحاق الرياضة، مجددا، بالتربية الوطنية والتعليم، يعد فكرة ممتازة، ومن شأنها أن تقدم للمواطن المغربي، مند صباه، زادا قيميا كبيرا يحتاجه المغرب لتكوين شباب متماسك وينفع نفسه وبلاده.


إلحاق الرياضة بالتربية الوطنية، يرمي، على الأرجح، إلى وضع استراتيجية للرياضة، تذهب بها إلى المدى المنشود .
هذه الصيغة ليست جديدة، إذ أن التجربة كانت حاضرة في الخمسينات والستينات… وفي السياق، يعد إسناد تدبير القطاع الرياضي إلى السيد شكيب بنموسى، الذي سهر على إعداد النموذج التنموي،من جهة والمعروف برجل الاستراتيجية،من جهة اخرى يعد مؤشرا إيجابيا، ما قد يفيد بأن الدولة تتجه إلى وضع استراتيجية واضحة المعالم للقطاع، سيما مع رجل نجح وزاريا، وفي المشاريع التي أسندت إليه”.

أفرزت، على مدار سنوات، خيرة المواهب الرياضية، بحيث كانت تشارك في تظاهرات إما محلية أو جهوية أو وطنية

الإلحاق قد يعني أيضا “بأن الرياضة أريد لها أن تستفيد من البنيات التحتية المتوفرة لدى قطاع التربية الوطنية”، كما أن القطاعين سبق لهما أن وقعا على اتفاقيات في هذا السياق منذ 1981 وإلى 2008، ولكن دون أن تطبق على أرض الواقع.. هذا في وقت تملك فيه وزارة التربية الوطنية بنية تحتية هائلة يمكن للرياضة أن تستفيد منها، عوض أن تبقى غير مستغلة في نهاية الأسبوع، وطيلة أيام العطل. .. ربما سيتحقق هذا المطمح مع تجربة شكيب بنموسى، ويحدث التوازن بين الفائض الديموغرافي و النقص في البنية التحتية الرياضية.. أن أبناء جيل الثمانينات من القرن الماضي، يتذكرون جميعهم مدى الشغف الذي كان يملأهم كلما تعلق الأمر بمادة التربية البدنية، فضلا عن حصص الجمعية الرياضية، “التي أفرزت، على مدار سنوات، خيرة المواهب الرياضية، بحيث كانت تشارك في تظاهرات إما محلية أو جهوية أو وطنية و كلنا يتذكر الدور الكبير الذي كان يقوم به أساتذة التربية البدنية في التنقيب عن المواهب الرياضية، وهي المواهب التي ظلت، على مدار سنوات، تطعم أندية الصفوة. ولا ننسى أيضا بأن هذه المادة مبرمجة في امتحان الباكالوريا، ولها اليوم ثانويات رياضية مجهزة مند سنوات واليوم حان الوقت لتفعيلها….مما يجعل الطالب يستعد لها بالمستوى نفسه الذي يستعد لمواد الفيزياء أو الرياضيات أو الفلسفة، أو غيرها…. يستعدون لها جيدا ، لانه متعينا عليهم اجتياز ثلاث رياضات، هي الجمباز، والاختيار بين السرعة والمسافات المتوسطة، فضلا عن رمي الجلة أو الصعود في الحبل، أو أشياء أخرى”.دون اللجوء الى البحث عن الاعفاء الطبي منها دون وجه حق كما هو سائد اليوم .. فكرة إلحاق الرياضة بالتعليم ممتازة. خاصة وان النموذج التنموي، نجده يتضمن 24 إشارة للرياضة وعلاقتها بالصحة والتنمية والإدماج السوسيواقتصادي وفي القضاء على الانحراف” .. شخصيا أستحسن الفكرة، ذلك أن هذا الاندماج سيتيح إمكانيات كثيرة للغاية في التكامل والتفاعل. ونحن نعرف أن القيم الأولمبية تنمي مجموعة من القدرات والملكات، ضمنها احترام الآخر واحترام القوانين والتسامح، وتجنب الشباب الانحراف؛ أي أن التربية تحتاج إلى القيم الرياضية لتبلغ أهدافها التربوية.

إن الدول المتقدمة تعتني بالرياضة المدرسية، بل وتعتبرها نواة تكوين الأبطال

كما أن الرياضة تحتاج إلى التربية الوطنية، لأن هذا القطاع يملك أكبر بنية تحتية رياضية على الصعيد الوطني. إن كل قطاع من هذين القطاعين يمكنه أن يعيد الاعتبار للآخر، سيما أن كل مواطن مغربي سيعي منذ الصغر بان الرياضة ليست ترفا، بل هي على مستوى واحد مع بقية الأساسيان في الحياة”لانها تساهم في التنشئة الاجتماعية وتنمي قيم انسانية رفيعة .

لذلك فان “إلحاق الرياضة بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي جاء لأن الرياضة عامل مهم في دمج وتأهيل الشباب واليافعين”.

وبتجرببتي كمنسق تربوي للتربية الدامجة بالسجون يمكنني ان اجزم ان الرياضة آلية فعالة وسريعة للادماج شريطة ان تكون مؤطرة تاطيرا علميا رصينا لان “الرياضة أولا تهذيب وتربية وتثقيف، وهي وتساهم في التنشئة الخلاقة للفرد والجماعة، و في بلورة الحس الوطني ومبادئ المواطنة الحقة، وبالتالي في بناء مجتمع مدني رصين ومتين، قادر على مواجهة التحديات المستقبلية، بغض النظر عن أبعادها الإقتصادية والسياسية”.
ومن هذا المنظور نستنتج ان “الرياضة المدرسية (بجميع المستويات من الأولي إلى الجامعي) ممكن أن تلعب دورا أساسيا ومهما في خلق لحمة بين أفراد المجتمع، ورابطا متينا بينهم”، “فهي تساهم في بناء مجتمع مدني. كمادة أساسية وتوجه تعليمي قادر ان يلعب دورا كبيرا في تغيير رؤية الشاب اليافع لمستقبله، و كمشروع شخصي للتلامذة يمكنهم من خلاله أن يبرعوا في نوع رياضي معين و يحققوا أهدافهم عن طريقه… والخروج من المنحى الكلاسيكي …اندماج الدراسة والرياضة سيخلق فرص أوفر للنجاح في الحياة عن طريق مسارات مهنية في مجال الرياضة”.
“إن الدول المتقدمة تعتني بالرياضة المدرسية، بل وتعتبرها نواة تكوين الأبطال. ولو ألقينا نظرة على سبورة الألعاب الأولمبية سنجد الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا ودول أوروبية أخرى تعطي أولوية للرياضة المدرسية”.
غير ان الاقتناع بإلحاق الرياضة بالتعليم يلزمه أستقراء تاريخ الرياضة المعاصرة، وكيفية تطورها وتقدمها، لدى الدول التي تعد قوى عظمى سواء في المجال الرياضي أو التعليمي”.
“تطور الرياضة كان رهينا، منذ القرن التاسع عشر، بإدماجها بالنظام التعليمي، خاصة في الدول الأنجلوساكسونية، التي كانت مصدر إلهام للنموذج التعليمي الفرنسي، عن طريق بيير دو كوبيرثان، الذي أسس للألعاب الأولمبية الحديثة، كما هو معروف”:لقد فعل ذلك، رغبة منه في تطوير التعليم الفرنسي، إيمانا منه أن تطور النموذج الاجتماعي والأخلاقي للدول الأنجلوساكسونية مستمد أساسا من النظام المعتمد في مدارسها، والذي تلعب فيه الرياضة دورا كبيرا”.
في السياق ذاته، فإن إلحاق الرياضة بالتعليم يعد أمرا إيجابيا، “على اعتبار أن المباريات الرياضية تؤثر إيجابيا على الناشئة، فضلا عن أن اتباع نظام رياضة ودراسة سيؤدي إلى إقلاع رياضي، بطريقة فعالة وناجعة” وسترسخ ما هو تربوي وأخلاقي عن طريق الرياضة ، لا سيما أن قطاع التربية الوطنية يتوفر على 90 في المائة من المنشآت الرياضية، التي ظلت لعقود حبيسة حصص التربية البدنية فقط، في وقت ظل قطاع الرياضة يعاني غياب منشآت الممارسة الرياضية للقرب، التي من شأنها توفير فضاءات للشباب. هذا فضلا عن التقليل من الهدر المدرسي، الذي يكون في حالات كثيرة ناتج عن الممارسة الرياضية غير المقننة”.
أرى أن الرياضة ستكون مستفيدة من هذا الإلحاق، ” بإعادة إحياء الجمعية الرياضية، التي سادت لفترة مهمة، وأنتجت الكثير من الأبطال الكبار.. هذا الاندماج سيؤدي بالضرورة إلى تجديد الدماء، وتحريك الممارسة الرياضية”، مضيفا بأنه “سينتج أيضا سياسة رياضية واضحة المعالم، مبنية على مبادئ علمية، وتقوم على أسس تسييرية وتدبيرية من المستوى العالي.لبناء صرح الرياضة ، وهذا “الأمر هو الذي حمل مهندسي السياسات العمومية على إلحاق الرياضة بالتربية والتعليم، وما يزيد من حجية وصحية هذا الإلحاق، هو أن المدرسة تعتبر البيئة الطبيعية الحاضنة لمختلف المواهب الرياضية، ثم بالأساس، وجود فريق تربوي (أساتذة التربية البدنية والرياضية ومفتشين و….) يملك من الأهلية والاقتدار العلمي والمهني ما يجعله قادرا على اكتشاف المواهب وتجويدها ثم توجيهها توجيها رياضيا (orientation sportive) على النحو الذي يتناسب مع الرغبات والإمكانيات البدنية والتقنية للمتعلمات والمتعلمين”…. “ثم بعد ذلك يأتي دور ومهمة الأندية الرياضية من خلال احتضان هذه المواهب الموجهة لاستكمال عمل الرياضة المدرسية في أفق إنتاج وصناعة أبطالٍ وفرقٍ رياضية بمقاييس علمية عالمية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى