يفتح المغرب صفحة جديدة في مسار المشاركة السياسية للنساء عبر إصلاحٍ ملكي يعيد تعريف القواعد الانتخابية ويجعل التمثيلية النسائية ركيزةً ثابتة في مؤسسات الدولة. وخلال مجلس الوزراء برئاسة جلالة الملك محمد السادس، تمت المصادقة على حزمة مشاريع قوانين تنظيمية تُرسّخ حضور المرأة في قلب صناعة القرار.
منعطف تاريخي نحو المساواة السياسية والاجتماعية
تُجسّد الإصلاحات إرادة واضحة لتحويل المناصفة من شعار إلى واقع، عبر إحداث دوائر انتخابية جهوية مخصصة للنساء كآلية رائدة إقليميًا. لا يتعلق الأمر بـ«كوطا» تقليدية، بل بتغيير ثقافي وسياسي يمكّن المرشحات من ولوج التمثيل الوطني مباشرةً، ويُوسّع قاعدة المشاركة النسائية عبر الجهات.
قوانين جديدة لتمثيلية أكثر تجذّرًا
يرتكز المسار على تعديلات للقوانين التنظيمية (27-11 لمجلس النواب، 59-11 للانتخابات المحلية) وإدراج مفهوم الدوائر الجهوية النسائية المعتمَد في 19 أكتوبر 2025. يُفتح التصويت فيها لجميع الناخبين، مع توجيه الترشح للنساء، بديلًا عن اللائحة الوطنية ومحدودياتها، بما يعزّز الارتباط بالواقع المحلي والاجتماعي.
ثلث المقاعد محليًا… وحوافز للأحزاب
تدعم الإصلاحات مبدأ تخصيص ثلث المقاعد للنساء في المجالس الجماعية والعمالات والأقاليم، مع دوائر تكميلية وحوافز مالية وتنظيمية للأحزاب، وتناوب بين المرشحات والمرشحين في القوائم. ويبقى الرهان في التفعيل: تكوين القيادات النسائية وتجديد النخب الحزبية ومنح الكفاءات الصاعدة مساحات فعلية للمشاركة.
من العدد إلى السلطة الفعلية
بيّنت معطيات 2021 أن نسبة النساء في المجالس المنتخبة بلغت نحو 26.6%—أقل من السقف المنشود. لذا يتجاوز التحدي رفع الأعداد إلى تمكينٍ نوعي داخل مواقع القيادة: رئاسة المجالس واللجان والغرف المهنية والحقائب الوزارية، بما يترجم المناصفة إلى سلطة قرار وتأثير.
نموذج مغربي مُلهِم
بتوسيع فضاءات التمثيل النسائي، يرسّخ المغرب نموذجًا ديمقراطيًا قائمًا على الإدماج وتكافؤ الفرص. الدوائر النسائية خيار وطني بإرادة عليا يربط التحديث المؤسساتي بتثمين الكفاءات، ويؤهّل المملكة لتكون مرجعًا إقليميًا للمناصفة السياسية والاجتماعية في الاستحقاقات المقبلة.
وسيكون المغرب حينها بلدًا يُنسج فيه خيط الاقتراع العام بخيوطٍ أنثوية، حيث تُطرّز الديمقراطية المغربية بأيدي النساء.
فوزية طالوت المكناسي



