الطلاق، زلزال الانفصال كما يراه الصغار

- Advertisement -

في بيوت تبدو هادئة من الخارج، تدق في القلوب نواقيس الخوف. حين ينفصل الأبوَان، لا تنكسر فقط علاقة بين شريكين، بل ينكسر عالم صغير يدور حول الأطفال. ما قد يبدو للكبار مجرد ورقة في المحكمة، أو مجرد تغيير وظيفي في المنزل، يتحول في نظر الطفل إلى زلزال داخلي يزيح توازنه ويعيد رسم خرائط الأمان في نفسه.

صوت الخوف في العيون الصغيرة


ويعيش الكثير من الأطفال في المغرب حالة قلق دائم بعد الانفصال، بحسب الأخصائية في الطب النفسي للأطفال والمراهقين، هدى حجيج. تغمرهم مخاوف بسيطة في ظاهرها، لكنها عميقة الجذور: «هل سأتوقف عن الذهاب إلى نفس المدرسة؟»… «هل ستتغير حياتي من الناحية المادية؟»… «هل سأفقد أحد والديّ؟» لا تعد هذه الأسئلة ترفًا فكريًا، بل ضرورة نفسية يومًا بعد يوم، لما لها من تأثير مباشر على تطورهم العاطفي والسلوكي.

جروح لا تُرى… لكنها تُشعر


ويترك الانفصال الذي يقع في قلب الأساس الأسري أثرًا عميقًا في نفسية الطفل طوال مراحل الانفصال وما يسبقه. الصراعات الزوجية والخلافات المستمرة تضع الطفل في بيئة مشحونة، ينام فيها على همّ ويستيقظ على أسئلة لا يجد لها إجابات. وقد يعاني من الخوف والاكتئاب، أو مشاكل سلوكية مثل تشتت الانتباه وضعف التركيز، مع انعكاسات على تحصيله الدراسي. وفي حالات أكثر خطورة، قد تؤدي الصراعات الطويلة على الحضانة إلى تدهور الحالة النفسية لدى بعض الأطفال.

الشعور بالعزلة داخل المجتمع


في مجتمعات تُشكل فيها الأسرة خلية محورية، يشعر الطفل بعد الطلاق بالعزلة والاختلاف. بعضهم يصدر الذنب لنفسه ظنًا أنه سبب ما جرى، فينكمش داخل ذاته وتضعف ثقته. هذا الشعور يحتاج تدخلًا تربويًا ونفسيًا لكسر حلقة العزلة وإعادة بناء الأمان.

كيف نخفّف من هزّات هذا الزلزال؟


الأطفال يحتاجون إلى أكثر من أحكام قانونية: رعاية نفسية مستمرة، استماع صادق لمخاوفهم، والتزام الأبوين بمواعيد زيارات ثابتة وموثوقة. توصي الأخصائية هدى حجيج بحوار طمأنة يوضح للطفل أنه ليس سبب الانفصال، وإشراك المدرسة لدعم استقرار يومه. عند ظهور علامات اضطراب نفسي، يجب اللجوء فورًا إلى أخصائي نفسي أو مستشار مؤهل.

الأمل بين الركام


رغم الألم، قد تتحول تجربة الانفصال إلى فرصة لتعليم المرونة وبناء شخصية أقوى إذا توفّر الدعم العاطفي المناسب. ثبات الحضور والمعاملة المستمرة من كلا الوالدين يساعدان الطفل على استعادة توازنه، وتبقى ضفّة الأمان قابلة للإعادة عبر تواصل صريح وتفاهم حقيقي.

تحرير: علاء البكري