سجلت محاكم المملكة خلال سنة 2024 ما مجموعه 40.214 قضية طلاق مقابل 40.028 قضية سنة 2023، أي بارتفاع طفيف بلغ 0,5%، بحسب ما كشفه التقرير السنوي للمجلس الأعلى للسلطات القضائية. وفي المقابل تراجعت القضايا الرائجة بنسبة 4,2%، وانخفض عدد الملفات المحكومة بـ 5,7%، وهو ما اعتبره التقرير مؤشراً على تحسين وتيرة البتّ في قضايا الأسرة.
وأظهرت الأرقام أن الطلاق الاتفاقي استحوذ على النسبة الأكبر من الملفات بما يعادل 96,6% من مجموع القضايا، بينما ارتفعت دعاوى الطلاق قبل البناء بنسبة 12,9%، وتراجع الطلاق الرجعي والخلع بشكل ملحوظ. ويرى التقرير أن هذه المعطيات تعكس توجهاً مجتمعياً نحو تسوية الخلافات الزوجية بشكل ودي بعيداً عن المنازعات الطويلة.
المحامية مريم الإدريسي تفسر أسباب الطلاق وإشكالات مدونة الأسرة
اعتبرت المحامية مريم جمال الإدريسي أن ارتفاع حالات الطلاق في المغرب يعود إلى تداخل عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية وأخلاقية، مشيرة إلى أن اختلاف المستويات المعيشية والخلفيات الفكرية بين الزوجين، إضافة إلى تأثير المحيط العائلي، أصبح من أبرز أسباب تفاقم الخلافات داخل الأسرة.
وأوضحت أن عدداً من الأزواج يفشلون في تدبير الخلافات الزوجية، خاصة تلك المرتبطة بالعلاقة الحميمية، التي باتت إحدى الإشكالات الأساسية المطروحة أمام القضاء.
“مدونة الأسرة لم تعد تواكب التحولات المجتمعية”
شددت الإدريسي على أن مدونة الأسرة تحتاج إلى إصلاحات جوهرية لمواكبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية. وأكدت أن الأدوار الجديدة للمرأة العاملة والمسؤولة لا تنسجم مع بعض النصوص القانونية التي ما تزال تنتقص من صلاحياتها، خصوصاً في ما يتعلق بالولاية الشرعية على الأبناء رغم كونها الحاضنة والمسؤولة عن رعايتهم.
كما ذكرت أن هذه المقتضيات لم تعد مواكبة لالتزامات المغرب الدولية ولا لروح الدستور الذي ينص على المساواة بين المواطنات والمواطنين.
“الصلح والوساطة… مؤسسات ضعيفة في التطبيق”
انتقدت الإدريسي طريقة ممارسة الصلح والوساطة داخل المحاكم، معتبرة أنهما غالباً ما يتمان بشكل شكلي وسريع لا يحقق الهدف الحقيقي في رأب الصدع بين الزوجين. وأشارت إلى أن ضغط الملفات ورغبة بعض الجهات في التسريع قد يطغيان على جوهر الصلح.
النفقة وتقسيم الممتلكات… أبرز الإشكالات
أكدت الإدريسي أن مبالغ النفقة المحكوم بها في كثير من الحالات لا تغطي الحد الأدنى من احتياجات الأطفال، بما في ذلك التعليم والسكن اللائق، مما يجعلهم الخاسر الأكبر بعد الطلاق. كما أشارت إلى تفاوت كبير بين المحاكم في تقسيم الممتلكات، حيث تعتمد محاكم في سوس قاعدة “الكد والسعاية”، بينما تشترط محاكم أخرى أدلة صارمة وفق المادة 49 من مدونة الأسرة.
“الأزمة ليست قانوناً… بل أزمة قيم”
أكدت الإدريسي أن تحميل مدونة الأسرة مسؤولية ارتفاع الطلاق هو طرح غير دقيق، معتبرة أن جوهر الأزمة يكمن في تراجع القيم وضعف التواصل بين الأزواج، وعدم القدرة على إدارة الخلافات بنضج ومسؤولية.
إيمان البدري



