18 دجنبر: رهان متجدد على لغة الضاد

- Advertisement -

احتفل العالم أمس الخميس 18 دجنبر باليوم العالمي للغة العربية، وهو موعد سنوي يتجدد فيه الإصغاء إلى لغةٍ عبرت القرون حاملةً الذاكرة والمعرفة، وصانعةً للمعنى في ضمير الحضارات.
وتخلد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” هذه المناسبة هذا العام تحت شعار:”آفاق مبتكرة للغة العربية: سياسات ومسارات ترسم مستقبلًا لغويًا أكثر شمولًا”، في دعوة صريحة إلى التفكير في العربية باعتبارها أفقًا تنمويًا، وأداة سيادة، وجسرًا نحو المستقبل.

اللغة العربية: سؤال الحاضر ورهان الغد

ويضع هذا الشعار اللغة العربية في قلب النقاش العالمي حول التحول الرقمي والعدالة اللغوية، ويمنحها موقعًا يتجاوز حدود الذاكرة الثقافية، لتغدو رافعةً للتنمية الشاملة، وحقلًا لإنتاج المعرفة، ومجالًا رحبًا للإبداع العلمي والتقني في زمن الذكاء الاصطناعي وتسارع الابتكار.

الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية: حضور ميداني ورؤية ممتدة

وفي هذا السياق، يشارك الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية في تخليد هذه المناسبة عبر برنامج متنوع من الندوات الفكرية واللقاءات العلمية والمبادرات التربوية والتحسيسية، الممتدة عبر مختلف جهات المملكة.
مشاركة تنبني على قناعة راسخة بأن النهوض بالعربية مسار جماعي يتطلب تضافر الجهود، وتوحيد الرؤى، وربط اللغة بأسئلة المجتمع والاقتصاد والمعرفة.

آفاق مبتكرة، من الاستهلاك إلى الإنتاج

ويرى الائتلاف أن فتح آفاق جديدة أمام العربية يمر عبر تعبئة شاملة للطاقات الفكرية والتقنية، وتأهيل اللغة لمواكبة التحولات الرقمية المتسارعة، مع إدماج واعٍ للتقنيات الحديثة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي.
أفق يجعل من العربية لغة قادرة على إنتاج المعرفة، وحاضنة للمحتوى العلمي، ومنافسة في الفضاء الرقمي العالمي.

سياسة لغوية واضحة وموقع مركزي للعربية

ويربط الائتلاف تحقيق مستقبل لغوي أكثر شمولًا بتفعيل الطابع الرسمي للغة العربية في مختلف مناحي الحياة العامة، من تعليم وإدارة واقتصاد وأعمال، ضمن سياسة لغوية واضحة المعالم تعيد للعربية موقعها الطبيعي في المشهد اللغوي الوطني، وتمنحها حضورًا متوازنًا ومنصفًا في القطاعات الحيوية.

مؤسسات دستورية وأوراش مؤجلة

وفي هذا الإطار، يشدد الائتلاف على أهمية التسريع بتفعيل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، مع تحديد اختصاصاته التنفيذية، بما يتيح له الاضطلاع بدوره الدستوري في صياغة السياسات اللغوية.
كما يدعو إلى تمكين أكاديمية محمد السادس للغة العربية من شروط الاشتغال الفعلي، حتى تضطلع بمسؤوليتها العلمية والمعرفية في تطوير اللغة وتحديث أدواتها.

التعليم واللغة: معركة الجودة والمعنى

ويبرز التعليم كأحد المفاتيح المركزية في هذا النقاش، حيث يدعو الائتلاف إلى مراجعة المادة الثانية من القانون الإطار رقم 17.51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، خاصة ما يرتبط بالتناوب اللغوي، بما يضمن اعتماد اللغة العربية في تدريس العلوم بمختلف الأسلاك التعليمية، في انسجام مع متطلبات الفهم والجودة وتكافؤ الفرص.

الهندسة اللغوية واحترام النصوص القانونية

كما يؤكد الائتلاف على ضرورة إخراج مرسوم الهندسة اللغوية في صيغة تستحضر ملاحظات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، مع التنبيه إلى أهمية احترام النصوص القانونية المنظمة للمجال اللغوي، بما يضمن وضوح الرؤية وتماسك الاختيارات وتجاوز مظاهر الارتباك التدبيري.

العربية في الإدارة والاقتصاد الرقمي

ويمتد هذا التوجه ليشمل الإدارات العمومية والمقاولات الخاصة، من خلال الدعوة إلى الالتزام باستعمال اللغة العربية أو الأمازيغية في المراسلات والخدمات والوثائق الرسمية، وفق ما ينص عليه منشور رئيس الحكومة رقم 16/2018.
كما يدعو الائتلاف إلى اعتماد سياسات مالية وتحفيزية داعمة لريادة الأعمال اللغوية، وتوجيه جزء من الاستثمارات العمومية نحو رقمنة اللغة العربية وتطوير أدواتها الرقمية.

التزام متواصل ومسؤولية جماعية

ويجدد الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، في ختام هذا المسار، التزامه بمواصلة الجهود الرامية إلى دعم حضور العربية في المجالات العلمية والتقنية والمهنية، بتنسيق مع مختلف الفاعلين والمؤمنين بدورها المركزي في ترسيخ الانتماء الحضاري، وقدرتها المتجددة على التعبير عن تحولات العصر، والانخراط الواعي في مجتمع المعرفة والذكاء الاصطناعي.

علاء البكري