كتاب جماعي حول “تفاعل المغرب مع الآليات الحقوقية للأمم المتحدة”
ضمن منشورات دفاتر حقوق الإنسان، وبدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أصدرت دار أبي رقراق للطباعة والنشر كتابا جماعيا جديدا يعالج موضوع “تفاعل المغرب مع الآليات الحقوقية للأمم المتحدة”.
وأهديت أعمال هذا الكتاب الذي يتكون من 238 صفحة لحليمة أمبارك الورزازي، وهي رائدة دبلوماسية لحقوق الإنسان في المغرب.
وفي هذا الإطار، أكدت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقديمها للكتاب، على أن إهداء أعمال هذا الإصدار الجماعي للخبيرة الحقوقية المغربية حليمة امبارك ورزازي، هو بلا شك بادرة إيجابية لتكريم هذه المرأة الاستثنائية التي قدمت خلال أكثر من أربعة عقود إسهامات بارزة في خدمة حقوق الإنسان على المستوى الوطني والدولي والأممي”.
وأوضحت أمينة في تقديمها أيضا أنه لا ينبغي النظر إلى التفاعل مع الآليات الحقوقية الأممية بوصفه مجرد تنسيق شكلي يتوقف على تقديم التقارير والرد على رسائل لفت النظر وبلاغات الأفراد والمجموعات، وإنما يفترض فيه أن يكون مناسبة لإجراء تقييم موضوعي لوضعية حقوق الإنسان، ومدى كفاية التدابير الإدارية والتشريعية والقضائية المتخذة لحمايتها، والوقوف على المشكلات وأوجه القصور في السياسات المنتهجة، وتحديد الاحتياجات والخطوات التي يتعين اتخاذها واعتمادها قصد تعزيز التمتع بالحقوق التي تكفلها الصكوك الأممية.
وأفاد الأستاذان الجامعيان محمد سعدي، وحميد بلغيث، وهما من أشرف على تحرير وتنسيق الكتاب الجماعي، أنه “إلى جانب التطور المعياري الذي هو أساسا تحول معايير حقوق الإنسان من مجرد مثل ومبادئ وقيم إلى التزامات قانونية اتفاقية، عرفت المنظومة الأممية إحداث نظام للحماية وللرصد والتتبع، تجسد أساسا في عمل مختلف آليات الأمم المتحدة التعاهدية (هيئات المعاهدات) وغير التعاهدية (الإجراءات الخاصة، آلية الاستعراض الدوري الشامل، …)”. مضيفين أن “منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تنامت بشكل لافت وفي ظرف قياسي، وبمنسوب تطور لم يشهده أي فرع آخر من فروع القانون الدولي”.
هذا، ويجمع الكتاب بين دفتيه دراسة بحثية حول المسار الدبلوماسي المتميز لحليمة الورزازي في أروقة الأمم المتحدة وخبرتها الطويلة في التعامل مع الآليات الحقوقية الحمائية الأممية. ويوجد في الغلاف الخلفي للكتاب مقتطف معبر من كتاب سيرتها الذاتية “سفر حول الذكريات”، جاء فيه: “يتجه نحوي مدير حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، يخبرني بأن الأمين العام يطلبني في هذه اللحظة لإلقاء كلمة أمام الحضور، أصبت بالرهبة، ورفضت في البداية النهوض من مكاني وأخبرته بأن هذا لم يكن ضمن جدول الأعمال ولست مستعدة، ولكنه أصر علي ورفعني من مقعدي بلطف. حين كنت أتجه نحو المنصة عم الهدوء والصمت المكان، كانت الجمعية العامة مثيرة للعدد الهائل من الحضور، كانت مشاعري جياشة حين وصلت لقمة المنصة ووقف كل المندوبين والحضور يصفقون لي في القاعة الكبيرة. كنت متأثرة جدا حتى أنني لم أشعر بمرور دقيقتين قبل أن آخذ الكلمة. في هذه اللحظة الدقيقة تذكرت المرأة المغربية التي كنت عام 1959 مندوبة غير معروفة خجولة تخطو خطواتها في دهاليز الأمم المتحدة”.
كما يضم الكتاب ثلاثة عشر ورقة بحثية لأكاديميين ينتمون لمختلف الجامعات المغربية، يتناولون بالبحث العديد من الأسئلة والإشكاليات التي يطرحها موضوع انخراط المغرب في العديد من الاتفاقيات الحقوقية الدولية وتفاعله مع مختلف الآليات الحقوقية الأممية المكلفة بمراقبة أعمال حقوق الإنسان من قبل الدول، وتم تخصيص أبواب خاصة للتعريف بالخبراء المغاربة في مجال حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ولتقديم كرونولوجيا شاملة لأبرز محطات تفاعل المغرب مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى سجل لصور توثق لزيارات المقررين الأمميين الخاصين للمغرب ولمبادرات المسؤولين المغاربة على مستوى أجهزة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ولمراسيم توثق لحظات التوقيع أو المصادقة على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان من طرف المغرب أو لتفاعله مع زيارات المقررين الخاصين للأمم المتحدة.