أناقة وجمالبورتريهاترائدات

مي ميخائيل خوري وبدر الدجى المعرض الذي يحكي مسار والتزام حياة

مي ميخائيل الخوري مصممة فلسطينية ازدادت وترعرعت بمدينة رام الله

بقلم فوزية طالوت المكناسي

   في أزقة مدينة عمان الأثرية ونحن نتجول لاكتشاف خبايا المنطقة الشرقية للمدينة تقودنا خطواتنا الى شارع تميم حيث نصادف معرضاً متنوعاً وغنياً بمنتوجات صُممت بحبّ واستقت إلهامها من التراث الفلسطيني الأصيل. إنه فضاء بدر الدجى الذي يحكي مسار حياة مبدعته مي ميخائيل خوري.  

وبابتسامة جميلة تلقانا مي على باب المعرض الأنيق الذي يعكس ذوقها الراقي والمرهف.

مي ميخائيل خوري مصممة فلسطينية ازدادت وترعرعت بمدينة رام الله ولم تكن لتغادرها لولا الظروف. فبعدما تخرجت من مدرسة “الفرندز” للبنات والتي تعد من المدارس القديمة في فلسطين حيث ثم بناؤها في سنة   1869، التحقت بجامعة بئر زيت التي تأسست بدورها في سنة 1924 من طرف امرأة عظيمة أخرى  ومدافعة عن حقوق المرأة والوطن، هي نبيهة ناصر.

مي ميخائيل ترعرعت في بيئة أنجبت نساء ذوات كرامة وشجاعة يبحثن دائما عن المجد. تشبثت بالتراث الفلسطيني وبهويتها القومية ذلك أولا لما يحمله هذا التراث من جمالية وطاقة إيجابية، وثانيا من حيث المبدأ، فهي فلسطينية وجب عليها الحفاظ على هذا الإرث وصيانته للأجيال حتى لا تموت الذاكرة وتنسى فلسطين النكبة.  فقد توفي زوجها وعملت على رعاية ابنيها، ولد وبنت، ربتهما أحسن تربية وكافحت من أجل تحقيق حلمها. مي اكتشفت الإبداعات التي بداخلها و استثمرتها في الحفاظ على التراث الفلسطيني برؤية حديثة.

التراث يجسد لمي خوري التاريخ والعائلة والأصالة، ويمثل لها ألوان الماضي وصلة الانتماء. استطاعت إعطاء التراث الشعبي المفهوم المعاصر مع المحافظة عليه. تصاميمها رافد من روافد التاريخ والانتماء. أعمالها تشمل الخزف التقليدي والأثاث و الملابس والحقائب والإكسسوارات. الكل يجتمع في معرض بدر الدجى للفنون والحرف اليدوية الذي أسسته في عمان سنة 1999 .

وتعمل مي من خلال هذا المعرض على المحافظة على التراث الفلسطيني وترويجه محليًا وعالميًا. وتسعى للتعريف به من خلال الإبداعاتها والأدوات التقليدية التي تستعملها في صنع تحف فنية أوشكت على الاندثار. تعمل بكل طاقتها لتسليط الضوء على هذا التراث الغني ليتعرف عليه الجيل الجديد من الشباب الفلسطيني والعالم بأكمله.

وفي كل حواراتها تحكى مي ميخائيل عن ارتباطها الوثيق بعائلتها، وبوالدتها ومدرستها الأولى. ترعرعت في بيت بسيط وعاشت حياة بسيطة لكنها غنية بالحب  والحنان في مدينة برام الله. وتعلمت الكثير من الأعمال الفنية اليدوية في المدرسة مثل التطريز. وكان هذا الرافد الأساسي الذي نمى خبرتها وذوقها الفني وتشبثها بالإرث المعرفي الفلسطيني.

عملت  في تصاميمها على المزج بين الحداثة والتراث التقليدي. فمي تضفي نقوشاً جميلة على قطع قديمة وتجعل منها منتوجات تتلاءم مع الأذواق المعاصرة. فالقطع القديمة الغير مستعملة تصبح بفضل تصاميمها تحفاً فنية نابضة بالحياة تجد مكانها في الغرف الراقية أو البسيطة.

اهتمت مي بالتطريز وروت عبر قطع القماش حكايات وعملت على الحفاظ على الهوية. 

الفساتين التي تبدعها هي مزيج  من الأثواب من مختلف بقاع العالم يأخذ فيه الثوب الفلسطيني المكان المفضل. هي دقيقة في عملها ولها فريق عمل متكامل يساعدها في تصميم اللوحات الفنية وفي إعداد التطريز  الذي هو جزء أساسي في كل تصاميمها.

وحظيت مجهوداتها بعدة اعترافات دولية فنالت جائزة من اليونسكو على ثاني أفضل منتوج حِرفيّ في العالم العربي سنة 2002، كما فازت بجائزتين فضيتين وواحدة ذهبية لتصاميم من الأثاث الفني من قبل مؤسسة تصميم عالمية في كومو إيطاليا.

مي ميخائيل خوري هي امرأة وأم ومصممة عربية فلسطينية لعبت وما زالت تلعب دورا كبير في الحفاظ على التراث العربي في زمن تغلبت التكنولوجيا والأدوات الحديثة على حس الإبداع والتفنن في التصاميم والألبسة والعديد من الحرف. كما تماشت تصاميمها التقليدية مع الحاضر. لتصبح مصممة عالمية حازت على العديد من الجوائز.

ولنا لقاء قريب  إن شا ء الله مع مي ميخائيل خوري في المغرب.

.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى