منذ فجر التاريخ، كانت المرأة الأمازيغية تتمتع بمكانة متميزة، حيث كانت جزءًا أساسيًا في اتخاذ القرارات الأسرية والسياسية.
وكانت المرأة الأمازيغية تحمل لقب “تمغارت”، الذي يعني الزعيمة، سيدة القوم، مقابل “أمغار” الذي يعني الزعيم، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على الدور المحوري الذي كانت تلعبه في المجتمع الأمازيغي.
ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك، الملكة “ديهيا” التي ولدت سنة 680 ميلادي، واعتبرت فارسة الأمازيغ المتميزة.
كانت ديهيا تدافع عن أرضها وأهلها بكل شجاعة وحكمة، حيث قال عنها المؤرخ ابن خلدون: “ديهيا فارسة الأمازيغ التي لم يأت بمثلها زمان”.
وإلى جانب ديهيا كانت هناك أيضًا كنزة الأوْربية، التي ساعدت في تأسيس الدولة الإدريسية، والأميرة زينب النفزاوية، زوجة يوسف بن تاشفين، التي تركت بصمات قوية في تاريخ الإمبراطورية المرابطية.
تحديات العصر: تغيّر مكانة المرأة الأمازيغية
ورغم هذا التاريخ الحافل، فإن دور المرأة الأمازيغية في العصور الأخيرة قد تغيّر.
فقد اختُزلت وظيفتها في قيادة الأسرة ورعاية المنزل، ما جعلها تتحمل العديد من الأعباء، مثل جلب المياه، جمع الحطب، والطهو.
وفي الوقت الذي تم فيه تقليص دورها في الحياة العامة، تم استبدال الزعامة الأسرية بمهام روتينية تثقل كاهلها.
فن المرأة الأمازيغية..حافظ على الهوية
ولعل إحدى أهم خصائص المرأة الأمازيغية هي قدرتها على الحفاظ على ثقافتها وهويتها من خلال الفنون، حيث نجدها متشبثة بالتقاليد مثل نسج الزرابي وصناعة الخزف، وكذلك في استخدام الألوان الزاهية في الأوشام التي تزين جسدها.
وقد ساهمت كل هذه الأنشطة الثقافية في إبراز جزء كبير من الهوية المغربية الأمازيغية.
تُعتبر الألوان، مثل الأحمر والأزرق والأصفر، من أبرز السمات التي تميز الزرابي والوشوم الأمازيغية.
هذه الألوان ليست فقط انعكاسًا للجمال، بل تحمل أيضًا معاني ثقافية ودينية عميقة.
وقد لاحظ العديد من الفنانين، مثل الرسام الدانمركي هاين فرينكل، هذه الروح الإبداعية التي تتجسد في رسومات النساء الأمازيغيات، معتبرًا أن تلك الرسوم تمزج بين الجمال الطبيعي والأسطوري.
المرأة الأمازيغية والفن التشكيلي المغربي
لم تقتصر تأثيرات المرأة الأمازيغية على الفنون التقليدية فقط، بل امتدّت إلى الفن التشكيلي المغربي المعاصر.
كثسر من الفنانين مثل أحمد الشرقاوي وفريد بلكاهية استلهموا من الفنون الأمازيغية وأدخلوها في أعمالهم الفنية الحديثة، مما ساهم في تحقيق مصالحة بين التراث والحداثة.
اليوم، يشكل التراث الأمازيغي مصدرًا هامًا للإلهام في الفنون البصرية، مما يمنحها طابعًا مميزًا يعكس الهوية المغربية الأصيلة.
هذا، وتعيش المرأة الأمازيغية اليوم في تحدياتٍ متعددة، لكنها ما زالت تؤدي دورًا محوريًا في الحفاظ على التراث الثقافي والفني الأمازيغي.
ورغم محاولات العصر الحديث لتهميش دورها، فإن إبداعها وإصرارها على الحفاظ على الهوية الأمازيغية جعلها عنصرًا أساسيًا في الثقافة المغربية المعاصرة.