تعتبر النساء الأمازيغيات حجر الزاوية في الحفاظ على الهوية الثقافية لشعوب شمال إفريقيا، حيث لعبت أدوارًا محورية في مختلف العصور التاريخية.
ورغم أنهن قد تم تهميشهن في معظم السرديات التاريخية، إلا أنهن نجحن في نقل التراث الأمازيغي عبر الأجيال.
وفي هذا المقال، سنتناول دور أبرز النساء الأمازيغيات في التاريخ، من العصور القديمة حتى العصر الحديث، ونلقي الضوء على تأثيرهن في مقاومة الاستعمار والحفاظ على ثقافة وهوية الأمازيغ.
النساء الأمازيغيات: التاريخ الغائب
منذ العصور القديمة، كانت النساء الأمازيغيات في شمال إفريقيا حاميات التراث الثقافي واللغوي لشعوبهن.
وقد لعبت النساء الأمازيغيات دورًا حاسمًا في الحفاظ على اللغة الأمازيغية، التي لا تزال حية حتى اليوم، في الوقت الذي انقرضت فيه العديد من اللغات القديمة مثل الفينيقية والرومانية والمصرية.
وعلى الرغم من أن تاريخ الأمازيغ يُعتبر مهمًا في سياق شمال إفريقيا، فإن دور النساء في هذا التاريخ لم يحظ بما يكفي من الدراسة والاهتمام الأكاديمي.
النساء الأمازيغيات في العصور القديمة
ومن بين أبرز الشخصيات النسائية الأمازيغية التي تركت بصماتها في العصور القديمة، تبرز “تين هينان”، ملكة الطوارق في الصحراء الكبرى.
تُعد تين هينان، التي تنحدر من منطقة تافيلالت، واحدة من أقدم الشخصيات الأسطورية في تاريخ الأمازيغ، وهي التي أسست المملكة الطوارقية.
على الرغم من أن بعض المؤرخين حاولوا ربطها بالعصر الإسلامي، إلا أن الاكتشافات الأثرية تؤكد أن تين هينان عاشت في القرن الرابع الميلادي، بعيدًا عن تأثير الإسلام.
النساء الأمازيغيات في العصر الإسلامي
مع دخول الإسلام إلى شمال إفريقيا في القرن السابع الميلادي، حافظت النساء الأمازيغيات على تأثيرهن في الحياة العامة، خصوصًا في مجالات السياسة والدين.
ولعل أهم هذه الشخصيات “كنزة الأوربية”، زوجة إدريس الأول مؤسس الدولة الإدريسية في المغرب، التي لعبت دورًا كبيرًا في توحيد القبائل الأمازيغية حول فاس.
ومع أن التاريخ الرسمي حاول إغفال دورها، إلا أن سيرتها تظل محورية في فهم تطور المغرب في تلك الحقبة.
وتُعتبر “زينب النفزاوية”، زوجة يوسف بن تاشفين، من أبرز الملكات الأمازيغيات اللواتي كان لهن دور مهم في تاريخ المغرب والإسلام.
كانت زينب، بفضل ذكائها وقوتها، مستشارة رئيسية لزوجها وساهمت في توسيع إمبراطورية المرابطين التي امتدت من السنغال إلى الأندلس.
النساء الأمازيغيات في مقاومة الاستعمار
عند الحديث عن مقاومة الاستعمار، كانت النساء الأمازيغيات دائمًا في الصفوف الأمامية، حيث شاركن في معارك هامة ضد المستعمرين الفرنسيين والإسبان.
ومن بين هؤلاء النساء، تبرز “فاطمة ن سومر” من منطقة القبائل، التي قادت المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي في منتصف القرن التاسع عشر.
كما شاركت العديد من النساء الأمازيغيات في حرب الريف بقيادة محمد عبد الكريم الخطابي ضد الاحتلال الإسباني في أوائل القرن العشرين.
النساء الأمازيغيات وأهمية الاعتراف بدورهن في التاريخ
من الواضح أن النساء الأمازيغيات كان لهن دور حيوي في تاريخ شمال إفريقيا، سواء في الحفاظ على الثقافة الأمازيغية أو في قيادة المقاومة ضد الاستعمار.
ورغم أن هذا الدور لم يُعطَ حقه في الكثير من السرديات التاريخية، فإن دورهن في تشكيل التاريخ والحفاظ على الهوية لا يُقدر بثمن.