تعد الدكتورة هنو العلالي، التي استنشقت أولى أنفاسها سنة 1942 بالخميسات، شخصية استثنائية في مجالات متعددة تجمع بين الطب، والنضال السياسي، والعمل الجمعوي، وتعتبر من أبرز النساء الأمازيغيات اللواتي تركن بصمة واضحة في مختلف المجالات التي نشطت فيها.
واختارت العلالي مهنة طب النساء والتوليد بعد أن تجاوزت تحديات كبيرة في مسارها التعليمي والمهني في المغرب وفرنسا، حيث حصلت على شهادة الطب من مونبوليي في فرنسا سنة 1971.
التعليم والنضال
لطالما جسدت هنو العلالي القوة النسائية في مجتمعات يسود فيها التمييز ضد المرأة، لكنها لم تسمح لهذه التحديات بأن توقف طموحاتها.
ففي الوقت الذي كانت فيه الفتاة المغربية غالبًا ما تُحرم من التعليم بسبب العقلية الذكورية السائدة، تلقت هنو الدعم من والدها الذي كان يؤمن بأن المرأة والرجل متساويان في الحقوق، وهذا كان محركًا أساسيًا في مسيرتها.
وبالإضافة إلى مسيرتها الطبية، ارتبطت هنو ارتباطًا وثيقًا بالنضال السياسي منذ شبابها، حيث انخرطت في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وحزب التقدم والاشتراكية، مما مهد لها الطريق لتصبح جزءًا من حركة التحولات الاجتماعية في المغرب.
التوجه الجمعوي والنضال من أجل الفتاة القروية
وفي مجال العمل الجمعوي، لا تزال هنو العلالي تتربع على قمة العمل التطوعي، حيث أسست جمعية “إيلي” عام 2006، التي تهدف إلى مكافحة الهدر المدرسي للفتيات القرويات.
ومن خلال هذه الجمعية، تمكنت من مساعدة العديد من الفتيات على مواصلة تعليمهن رغم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهنها.
وتسعى الجمعية التي أسستها إلى تعليم الفتيات في المناطق النائية وتقديم الدعم الكامل لهن، من أجل تمكينهن من فرص أفضل في الحياة.
وتؤمن هنو العلالي أن التعليم هو الأساس لبناء مجتمع صالح، وأن المرأة هي العنصر الأساسي في هذا البناء.
التحديات والنجاح في مسار الحياة
وعلى الرغم من أنها لم تثر الأضواء حول نفسها، فقد حققت هنو العلالي نجاحات عدة في مسيرتها المهنية والإنسانية، فهي طبيبة متميزة، وناشطة سياسية، وجمعوية.
ورغم أن لديها ستة أبناء، فقد تمكنت من موازنة حياتها الأسرية مع مسيرتها المهنية والاجتماعية، وهو ما يبرز قدرتها على إدارة التحديات ومواصلة العطاء في مختلف المجالات.
وخلال مسيرتها، تمكنت هنو من إحداث تغيير حقيقي في حياة العديد من النساء والفتيات في مناطقها، خصوصًا في القرى النائية، ومازالت مستمرة في النضال لتحسين وضعية المرأة المغربية، خاصة في مجالات التعليم والصحة.
إرث هنو العلالي
في تكريمها الأخير، تم تسليط الضوء على مسار هنو الحافل بالإنجازات في مجالات الطب، والحقوق، والتربية.
وجاء هذا التكريم اعترافًا بالجهود التي بذلتها طوال مسيرتها الطويلة، وهي تواصل اليوم عطاءاتها متشبثة بمبادئها السامية، رغم الظروف والتحديات التي قد تواجهها.
هذا، وتُعد هنو العلالي نموذجًا للمرأة المغربية التي تسعى إلى التغيير، وتؤمن بالقيم، وتعمل بجد على تحقيق المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل.
و من خلال التعليم والعمل الاجتماعي، تُساهم هنو في إحداث الفارق في حياة الكثير من النساء والفتيات، مما يجعلها واحدة من أبرز الشخصيات المغربية التي تستحق التقدير والاحترام.