أعلن فريق من علماء الآثار في البيرو عن اكتشاف أثري استثنائي يتمثل في رفات امرأة يُعتقد أنها تنتمي إلى حضارة كارال، التي تعد أقدم حضارة في الأمريكتين، ويعود تاريخها إلى نحو خمسة آلاف عام.
وجرى الإعلان عن الاكتشاف خلال مؤتمر صحفي نظمته وزارة الثقافة البيروفية في العاصمة ليما، حيث تم عرض مجموعة من القطع التي وُجدت داخل المقبرة، مما يُضفي مزيدًا من الأهمية على هذا الاكتشاف التاريخي.
مؤشرات على المكانة الاجتماعية الرفيعة
وأوضح دافيد بالومينو، قائد فريق التنقيب، أن الرفات تعود إلى سيدة يتراوح عمرها بين 20 و35 عامًا، وكانت تتمتع بمكانة اجتماعية مرموقة في مجتمعها.
وبيّن أن المرأة كانت ملفوفة بطبقات من المنسوجات الفاخرة، وتغطّيها عباءة مصنوعة من ريش طائر المكاو، وهو طائر استوائي ملون من ببغاوات الأمازون.
كما وُجدت المرأة ترتدي غطاء رأس، ما يُرجّح انتماءها إلى طبقة النخبة.
وإلى جانب الرفات، عُثر على قطع أثرية دقيقة، من بينها منقار طائر الطوقان، ووعاء حجري، وسلة من القش، ما يدل على الطقوس الجنائزية المعقدة التي كانت تمارسها حضارة كارال.
منطقة أسبيرو: من مكب نفايات إلى موقع أثري
وتم اكتشاف المقبرة في منطقة أسبيرو الواقعة غرب البلاد، والتي كانت تُعرف سابقًا بكونها قرية لصيادي الأسماك، قبل أن تتحول في العقود الأخيرة إلى موقع أثري بفضل جهود عالمة الآثار روث شادي، التي تشرف على أعمال التنقيب فيه منذ عام 1996.
وأشار بالومينو إلى أن هذا الكشف قد يعيد صياغة تصورات الباحثين حول دور المرأة في حضارات ما قبل كولومبوس، مؤكدًا أن الدلائل تشير إلى أن النساء في حضارة كارال كنّ فاعلات في قيادة المجتمع وشغلن مناصب ذات أهمية.
حضارة كارال: أقدم من الإنكا بـ 45 قرنًا
وتُعد حضارة كارال واحدة من أقدم الحضارات في العالم، إذ ازدهرت بين عامي 3000 و1800 قبل الميلاد، على هضبة قاحلة تبعد حوالي مئة واثنين وثمانين كيلومترًا شمال ليما.
وتزامن وجودها مع حضارتي بلاد ما بين النهرين ومصر القديمة، أي قبل ظهور حضارة الإنكا بنحو 45 قرنًا.
ويمثل هذا الاكتشاف الجديد خطوة مهمة نحو إعادة بناء الحياة اليومية والثقافية في حضارة كارال، ويفتح آفاقًا بحثية جديدة لفهم البنية الاجتماعية وتوزيع الأدوار بين الرجال والنساء في أقدم حضارات أمريكا الجنوبية.