“أولو”: لون جديد لا يُرى إلا في المختبر

اكتشاف علمي خارج الطيف البصري

نجح فريق من العلماء في جامعة “بيركلي” الأميركية من استحداث لون جديد يُدعى “أولو” (Olo)، وهو لون لا يُمكن رؤيته بالعين المجردة أو تمييزه على الطيف البصري المعروف، بل لا يُوجد فعلياً خارج نطاق العين البشرية.

فبواسطة جهاز ليزر موجّه بدقة إلى عين واحدة، يُولد شعور لوني جديد على هيئة مربع مفاجئ، يصفه العلماء بأنه “أزرق مع طيف مُخضَرّ ذي إشباع غير مسبوق”.

بين الإدراك الحسي والواقع الملموس

هذا اللون يطرح سؤالًا فلسفيًا وعلميًا متجددًا: هل الألوان موجودة في العالم الخارجي أم أنها مجرد “إشارات” تُعاد ترجمتها داخل الدماغ؟

رغم أن الفيزياء البصرية ربطت الألوان بطول الموجة الضوئية، فإن “أولو” يمثل خروجًا على هذه القاعدة، لأنه لون لا يمكن توليده إلا عبر خداع بصري دقيق في بيئة مختبرية مغلقة.

اللون كاختراع لا يُمكن تصويره

بعكس ألوان ابتكرها فنانون مثل “أزرق كلين” الشهير في ستينيات القرن الماضي، لا يمكن التقاط صورة لـ”أولو” أو ترميزه رقمياً، لأنه ببساطة لا يوجد إلا داخل العين البشرية بعد تهيئة ظرف بصري خاص.

يصفه العلماء بأنه “تجربة داخلية” لا تنتمي إلى الطيف المعروف، بل تعيد تشكيل العلاقة بين الجهاز البصري والواقع.

تشابه غريب مع الخيال العلمي

ما يُثير الاهتمام وربما القلق، هو أن جهاز الليزر المستخدم لتوليد “أولو” يُدعى “أوز”، في إشارة إلى رواية “ساحر أوز” التي تتناول التحول في إدراك الواقع.

هذا التوازي بين العلم والثقافة الشعبية يفتح المجال أمام تشكيك البعض في نوايا مثل هذه الاكتشافات: هل نحن أمام تطوير علمي بريء؟ أم أمام بوابة لزرع الهلوسة أو التلاعب بالحواس؟

الفكرة تُشبه ما تطرحه أفلام الخيال العلمي: جهاز بصري يُغير ما نراه، ما قد يؤدي لاحقاً إلى الشك في كل “واقع مرئي”.

الفن والنظارات الليزرية… المستقبل المرئي؟

في ظل تسارع دمج التكنولوجيا بالجسد، ليس من المستبعد أن تظهر أعمال فنية مرسومة بألوان “أولو”، لا يمكن رؤيتها إلا بعد الخضوع لتجربة ليزرية معينة.

وهنا تُطرح أسئلة أخلاقية وفلسفية: هل يتحول الجسد إلى منصة تكنولوجية؟ وما الفرق بين “أولو” ونظارات الواقع الثلاثي أو المعزز؟

ربما سنرى معارض لا يدخلها الزوار إلا بعد تهيئة أعينهم لرؤية ألوان لا تُشاهد بالطرق التقليدية.

الرأسمالية تُعيد تشكيل الإدراك

حتى الآن، يُقال إن خمسة أشخاص فقط رأوا هذا اللون الجديد. إنها دعاية مثالية في اقتصاد رأسمالي قائم على الندرة والفرادة.

ولا يُستبعد أن تُفتتح مختبرات سياحية تسمح بمشاهدة “أولو” كما أُتيحت الرحلات الفضائية سابقًا.

وبينما لا يُمكن إنكار أهمية التقدم العلمي، تظل الشكوك قائمة حين يتحالف العلم مع رأس المال. إذ حيثما وُجد المال، غالبًا ما وُجد استغلال وتسليع.