مؤتمر المحيطات: التزام عالمي من أجل “الرئة الزرقاء” للكوكب.

- Advertisement -

في سياق التحديات البيئية المتفاقمة، تحتضن مدينة نيس الفرنسية، خلال الفترة الحالية، فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات، بحضور رؤساء دول، وخبراء، ومؤسسات مالية، ومنظمات غير حكومية، وفاعلين من القطاع البحري، بهدف بحث سبل حماية المحيطات باعتبارها ركيزة استراتيجية لأجندة التنمية المستدامة لعام 2030.

نحو حكامة عالمية مستدامة للمحيطات

ويكرس هذا المؤتمر مكانته كمنصة دولية لتعزيز الحكامة العالمية للمحيطات، وتقوية التعاون الدولي من أجل تسريع تبني حلول ملموسة لمواجهة الأزمات المناخية والبيئية والاقتصادية المتشابكة. 

وتشكل قضايا التلوث البلاستيكي، وتحمض المحيطات، والصيد الجائر، وتأثيرات تغير المناخ، محاور مركزية للنقاش، في أفق إرساء التزامات دولية قابلة للتنفيذ لحماية البيئة البحرية.

المحيطات في قلب الأزمات العالمية

ويعد المحيط محركًا أساسيا لدورة الحياة على الأرض، إذ يغطي أكثر من 70% من سطح الكوكب، ويحتضن 97% من موارده المائية، كما يلعب دورًا جوهريًا في تنظيم المناخ عبر امتصاص نحو 90% من فائض الحرارة الناتجة عن انبعاثات الغازات الدفيئة.

 وتبرز أهمية هذا المورد الحيوي أيضًا في كونه مصدر رزق لأكثر من ثلاثة مليارات شخص حول العالم.

غير أن هذه “الرئة الزرقاء” تواجه تهديدات متزايدة، من أبرزها ارتفاع حموضة المحيطات بنسبة 30% منذ العصر الصناعي، مع توقعات ببلوغ 170% بحلول عام 2100، إلى جانب تسجيل درجات حرارة قياسية في 2023 و2024، وارتفاع مستوى سطح البحر بمعدل 3.7 ملم سنويًا، وهي وتيرة مرشحة للزيادة بشكل مقلق.

التنوع البيولوجي البحري في خطر داهم

وتكشف المعطيات المقدمة خلال المؤتمر عن اختفاء نصف الشعاب المرجانية الحية منذ سبعينيات القرن التاسع عشر، بينما يهدد ارتفاع درجات الحرارة بمعدل درجتين مئويتين بالقضاء على 99% من هذه الموائل الطبيعية. 

كما أن ثلث أسماك القرش والشفانين والغضروفيات الأخرى مهددة بالانقراض، نتيجة الضغوط المتواصلة، وعلى رأسها الصيد الجائر.

اقتصاد أزرق بين التنمية والضغط البيئي

يمثل الاقتصاد الأزرق أحد الأعمدة الحيوية لتحقيق التنمية المستدامة، حيث بلغ الإنتاج العالمي من الصيد البحري وتربية الأحياء المائية 223.2 مليون طن سنة 2022، يشغل من خلالها القطاع نحو 61.8 مليون شخص.

 وبلغت قيمة الصادرات العالمية من المنتجات البحرية 195 مليار دولار، بينما وصل معدل الاستهلاك السنوي الفردي إلى 20.7 كلغ.

ورغم هذه الأرقام، فإن 37.3% من مخزونات الأسماك البحرية تستغل بشكل مفرط، فيما يتراوح حجم الصيد غير القانوني بين 10 و26 مليون طن سنويًا، ما يعادل 19% من المصيد العالمي. 

أما النقل البحري، المسؤول عن 3% من الانبعاثات الحرارية العالمية، فقد ارتفعت مساهمته بـ20% خلال العقد الأخير، رغم كفاءته الطاقية العالية مقارنة بالنقل البري.

حلول مبتكرة لبحر مستدام

وفي ظل ضعف التمويل المخصص للهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة، المتعلق بالمحيطات، يطرح المؤتمر حلولاً واعدة من قبيل الطاقات البحرية المتجددة، والتكنولوجيا الحيوية البحرية، ورقمنة نظم المراقبة البيئية، باعتبارها أدوات استراتيجية لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.

التزامات إقليمية في خدمة الهدف العالمي

ويتضمن البرنامج سلسلة فعاليات موازية تعكس خصوصيات كل منطقة، أبرزها “قمة إفريقيا من أجل المحيط”، التي يشارك المغرب في رئاستها إلى جانب فرنسا، وتهدف إلى تعزيز التعاون جنوب-جنوب في مجال إدارة الموارد البحرية. 

كما يُنظم “منتدى الجزر العالمي” و”قمة المتوسط المتصلة” لتعزيز التكامل الطاقي والمائي في المناطق الساحلية.

نحو التزام جماعي ومستقبل بحري آمن

ويُختتم المؤتمر بإطلاق مشاريع رائدة، وتوقيع اتفاقيات دولية تهدف إلى تحسين التوقعات البحرية، وتعزيز الحكامة الرقمية للمحيطات. 

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الحدث العالمي الذي انطلق أمس الاثنين سيستمر حتى  الجمعة 13  يونيو تحت رعاية الأمم المتحدة، بتنظيم مشترك بين فرنسا وكوستاريكا، تحت شعار: “تسريع العمل وتعبئة الجميع من أجل الحفاظ على المحيط واستغلاله على نحو مستدام”.