حافظ المغرب على مركزه المتأخر في تصنيف المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين لسنة 2025، حيث حلّ في الرتبة 137 من أصل 148 دولة، بمجموع نقاط بلغ 0.628، دون أن يحرز أي تقدم يُذكر مقارنة بالعام الماضي.
ويضع هذا التقرير السنوي، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، المغرب في مراتب متأخرة على سلّم التكافؤ بين الجنسين، مقابل تصدّر كل من آيسلندا وفنلندا والنرويج للمراكز الثلاثة الأولى، كما جرت العادة في السنوات الأخيرة.
مؤشرات مقلقة على مستوى الاقتصاد والتعليم والصحة
ويعتمد المؤشر على أربعة محاور أساسية ترصد الفوارق بين النساء والرجال في مختلف جوانب الحياة: المشاركة الاقتصادية والفرص، والتحصيل التعليمي، والصحة والبقاء، ثم التمكين السياسي.
وعلى هذه الأصعدة الأربعة، لم يكن وضع المغرب مطمئنًا. فقد حل في المرتبة 143 عالميًا في ما يخص المشاركة الاقتصادية، و114 في مؤشر التعليم، و136 في الصحة والبقاء، بينما جاء المركز 91 في التمكين السياسي، بأدنى معدل بلغ 0.188 نقطة فقط، ما يكشف عن عمق الهوة بين الجنسين في التمثيلية والمشاركة في اتخاذ القرار.
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ذيل الترتيب العالمي
وفي صورة بانورامية على المستوى الإقليمي، صنّف التقرير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المرتبة الثامنة والأخيرة عالميًا من حيث المساواة بين الجنسين، مع تسجيل نسبة توازن بلغت 61.7 في المئة.
ورغم هذا الوضع المتأخر، يشير التقرير إلى أن المنطقة تعرف تحسنًا طفيفًا لكنه بطيء، خصوصًا على صعيد المشاركة الاقتصادية، التي وصلت إلى نسبة 42.4 في المئة، مع تباينات حادة بين الدول في هذا المحور.
تفاوت بين دول المنطقة في التعليم والصحة
وفيما يتعلق بالتحصيل التعليمي، جاءت المنطقة في المرتبة الخامسة عالميًا بنسبة 97.6 في المئة، مع تقدم واضح منذ سنة 2006، لكن مع استمرار الفجوات بين البلدان، خاصة في معدلات الأمية والتسجيل المدرسي.
أما على مستوى الصحة، فحلّت منطقة “مينا” سادسة عالميًا، لكنها سجلت أضعف أداء عالمي في التمكين السياسي، بنسبة لا تتجاوز 10.5 في المئة.
ومع ذلك، فقد شهد هذا الجانب تقدمًا طفيفًا مقارنة بسنة 2006، إذ ارتفع المتوسط الإقليمي بنحو 8.3 نقاط، وكانت الإمارات الاستثناء الوحيد في هذا السياق، محتلة المرتبة 32 عالميًا بنسبة توازن سياسي بلغت 37.2 في المئة.
لا دولة حققت المساواة الكاملة بين الجنسين
ورغم مرور أكثر من عقد ونصف على انطلاق هذا المؤشر، فإن التقرير يؤكد أن لا اقتصادًا في العالم استطاع بلوغ المساواة التامة بين الجنسين.
وحدها آيسلندا تمكنت من سدّ أكثر من 90 في المئة من فجوات النوع الاجتماعي، محافظة على ريادتها العالمية للسنة السادسة عشرة على التوالي.
الفجوة لا ترتبط فقط بالدخل بل بالإرادة السياسية
أما على مستوى مجموعات الدخل، فقد تمكنت الاقتصادات ذات الدخل المرتفع من إغلاق أكثر من 74 في المئة من الفجوات بين الجنسين، متقدمة على الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى التي حققت 69.6 في المئة، والبلدان ذات الدخل المنخفض التي تجاوزت نسبة 66 في المئة.
ويفيد التقرير بأن بعض الدول ذات الدخل المنخفض تفوقت أحيانًا على نظيراتها الثرية من حيث وتيرة تقليص الفجوة، ما يدل على أن الإرادة السياسية والتوجهات الاجتماعية قد تلعب أحيانًا دورًا أهم من الإمكانيات الاقتصادية.
دعوة لمقاربات شاملة تقطع مع الشعارات
في ضوء هذه النتائج، يضع التقرير المغرب والمنطقة عمومًا أمام تحديات عميقة تتطلب مقاربات شاملة، تتجاوز الشعارات نحو سياسات منصفة وملموسة، تُسهم في تقليص الهوة وتمكين النساء فعليًا من حقوقهن في التمثيلية والمشاركة والتنمية.