صدر حديثًا عن منشورات “الفنك” كتاب جماعي يحمل عنوان “النساء والفن في المغرب الكبير”، من تنسيق الباحثتين نادية صبري ورشيدة التريكي، وهو عمل نقدي وفكري يروم تسليط الضوء على حضور النساء في المشهد الفني المغاربي، ورصد ديناميات اشتغالهن، ومسارات إبداعهن، والتحديات التي تعترضهن في ساحة فنية لا تزال غير متكافئة من حيث التمثيل والاعتراف.
هذا الإصدار، وفق ما أكدته المؤسسة الوطنية للمتاحف في بلاغ رسمي توصلت مجلة “فرح” بنسخة منه، يتقاطع فيه التحليل الفني والشهادة الحية والتفكير الجماعي، من خلال مساهمات ثرية ومتعددة لأكثر من عشرين فاعلة وفاعلًا من المغرب والجزائر وتونس، من بينهن فنانات تشكيليات، مؤرخات فن، مديرات مؤسسات ثقافية، ومندوبات معارض، إضافة إلى صحافيات متخصصات في الشأن الثقافي.
ثلاث سنوات من البحث والحوار حول سؤال الفن والمرأة
واستغرق العمل على هذا الكتاب ما يزيد عن ثلاث سنوات من البحث والنقاش والتوثيق، حيث يعكس المشروع رغبة جماعية في مساءلة موقع المرأة داخل منظومة الفن المغاربي، وما إذا كانت هذه المنظومة تتيح لها الظهور والتأثير، أم أنها لا تزال تُدار بمنطق التهميش الرمزي، رغم التحولات التي شهدتها الساحة الثقافية المغاربية خلال العقود الأخيرة.
ويُعدّ هذا العمل امتدادًا مباشرًا للندوة الدولية التي نظّمت سنة 2021 بالرباط، من طرف الجمعية الدولية لنقاد الفن وفرعها بالمغرب، بدعم من منظمة اليونسكو، والتي كانت قد فتحت الباب واسعًا أمام أسئلة جوهرية تتعلق بالمساواة والتمثيل، وسبل إتاحة فضاء تعبيري حرّ وعادل للفنانات في بلدان المغرب الكبير.
توثيق جماعي لتجارب نسوية متقاطعة
ولعلَّ ما يُميّز هذا الكتاب، بحسب منسّقتيه نادية صبري ورشيدة التريكي، كونه ليس فقط عملًا نظريًا، بل تجربة جماعية قائمة على الحوار والتقاطع بين ذوات نسوية تنتمي إلى مجالات مختلفة، لكنها تشترك في الانشغال نفسه: كيف نحيا ونُبدع كامرأة في حقل الفن؟ وكيف نحافظ على الصوت وسط ضجيج البُنى الذكورية التقليدية؟
وقد جاء الكتاب ليكون بمثابة مرآة تعكس التجارب النسائية المتنوعة في المجال الفني، من داخل المؤسسات الرسمية، أو عبر المبادرات الحرة والبديلة، مانحًا بذلك مساحة للتفكير والسرد والتوثيق، انطلاقًا من زوايا متقاطعة بين التاريخ الشخصي، والتحليل الأكاديمي، والملاحظة النقدية.
تقديم رسمي في متحف محمد السادس بالرباط
ومن المنتظر أن يُقدَّم كتاب “النساء والفن في المغرب الكبير” خلال لقاء ثقافي مفتوح يوم الإثنين 23 يونيو 2025، ابتداءً من الساعة السادسة مساءً، برحاب متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط.
وينظم هذا الحدث بشراكة بين المؤسسة الوطنية للمتاحف، والمندوبية العامة لوالونيا-بروكسيل في المغرب، ومتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، إلى جانب فرع الجمعية الدولية لنقاد الفن بالمغرب، ومؤسسة “أرشيف الفنون”.
ويعرف هذا اللقاء، وفق البلاغ، حضور شخصيات ثقافية ومؤسساتية بارزة، مشكِّلا مناسبة للاحتفاء بهذا العمل الفكري والفني المميز، وفتح نقاش حول دور النساء في بناء الذاكرة الفنية الجماعية بالمنطقة المغاربية، وسُبل تمكينهن من موقع أكثر عدلًا في الحاضر والمستقبل.