تتربع موضة «الفتاة الفوضوية» (Messy Girl) على عرش اتجاهات الموضة وأحاديث شبكات التواصل الاجتماعي حول العالم، كصيحة جديدة تناقض تماما موضة «الفتاة النظيفة» (Clean Girl) التي راجت في السنوات الأخيرة بلمعان بشرتها وتسريحة شعرها الأنيقة وأسلوب حياتها المنظم الذي يعكس الكمال الخارجي.
مظهر عشوائي أم عفوية محسوبة؟
وتتجسد هذه الإطلالة في ملامح متعمّدة اللامبالاة: شعر أشعث، كحل ملطخ، قميص مجعد، وربما مظهر فتاة عائدة لتوّها من حفلة موسيقية صاخبة.
لكنها في العمق، كما يوضح خبراء الموضة، ليست عشوائية بالكامل، بل عفوية محسوبة تتحكم فيها خوارزميات المحتوى ودهاء صناعة الجمال.
تقليد مستعاد من رموز الروك والغرانج
وتقول الكاتبة الفرنسية المتخصصة في الموضة صوفي أبريا، إن هذا الإهمال الظاهر «ليس جديدًا»، فقد سبقته رموز ثقافة الروك والغرانج، مثل جوارب كورتني لاف الممزقة وكحل آيمي واينهاوس المتقطر، وأحذية كايت موس المطاطية في مهرجانات الموسيقى.
جيل جديد من المشاهير يدعم الصيحة
اليوم، تعود هذه الروح مع أسماء مثل بيلي آيليش وتشارلي إكس سي إكس ولولا يونغ، التي ساهمت أغنيتها «I’m Too Messy» في انتشار وسم #MessyGirl ليحصد آلاف المشاهدات على «تيك توك»، حيث اجتذب اختبار «أنتِ فتاة نظيفة أم فوضوية؟» ملايين المشاركات.
بين الغرانج الناعم والإندي سليز
وتوضح أبريا أن هذا الاتجاه يقف بين أسلوب «الغرانج الناعم» وموضة «الإندي سليز» التي تمزج بين الروك والبوهيمية، لكن الاختلاف اليوم أن كل ذلك يُعاد تدويره عبر الخوارزميات ويتحوّل إلى وسوم مربحة.
تمرد ضد الكمال ومعايير الجمال
في العمق، تعكس هذه الصيحة خطابًا مضادًا للكمال الزائف؛ إذ تقول أبريا إنها «تمجد اللاكمال والفوضى والهشاشة العاطفية، وتوجه نقدًا لمعايير الجمال القاسية وثقافة الإنتاجية المفرطة».
غير أن هذه العفوية مقيدة بسياق تجاري واضح، فتحتها تنتعش دروس المكياج والفيديوهات التعليمية حول كيفية تنسيق ملابس «الفتاة الفوضوية» بشكل مدروس.
تسويق الفوضى.. تناقضات واستخدام تجاري
لكن هذا التمرد المنمّق ليس خاليًا من التناقضات؛ فالصحافية الفرنسية المتخصصة في تأثير الموضة كلير روسيل ترى أن «الفوضى الظاهرة» صارت صيغة ترويجية جديدة، وأنها لا تُمثل تحررًا نسويًا حقيقيًا لأنها محصورة غالبًا في صور نساء نحيفات، بيضاوات، ومؤثرات مشهورات.
صيحة تفتقر للتنوع وتخدم السوق
وتقول روسيل إن هذا التوجه لا يراعي التنوع ولا يعكس كل تجارب النساء، مضيفةً أن القطاع التجاري سرعان ما يستغل حتى العيوب لتسويق المنتجات والأزياء.
فعلى سبيل المثال، عاد أسلوب «الإندي سليز» بقوة في عروض أزياء باريس الأخيرة من خلال الجلود والسراويل الضيقة وقمصان الـ«تي شيرت» بشعارات كلاسيكية مثل «J’adore Dior».
متنفس مضاد للتيارات الرجعية
ومع ذلك، تُبقي «الفتاة الفوضوية» على متنفس منعش وسط موجة تيارات رجعية تروج لنماذج مثل «الزوجات التقليديات» (Tradwives) والمحتوى المؤيد لفقدان الشهية، الذي يذكّر بنزعات قديمة تحمل أبعادًا محافظة.
وتختتم روسيل بقولها، إنه إذا وجد البعض في هذه الفوضى وسيلة لمواجهة هذه التوجهات المحافظة التي تنطوي على عداء صامت تجاه النساء، فهذا بحد ذاته مكسب كبير.