في ليلة قطرية مضاءة بهتاف الجماهير ونبض المدرجات، ارتدى المنتخب الوطني المغربي عباءة المجد العربي، وتوج بلقب كأس العرب لكرة القدم عقب فوزه المثير على المنتخب الأردني بثلاثة أهداف لهدفين، في نهائي احتضنه ملعب لوسيل شمال الدوحة، مساء الخميس، ليمنح الكرة المغربية تتويجًا عربيًا جديدًا بطعم الإصرار والعودة.
نهائي مفتوح على كل الاحتمالات
وانتهى الوقت القانوني للمواجهة بالتعادل هدفين لمثلهما، بعدما كان أسود الأطلس سباقين إلى التسجيل عبر تسديدة بعيدة المدى لأسامة طنان في الدقيقة الرابعة، قبل أن يعيد علي علوان المنتخب الأردني إلى أجواء اللقاء بهدف في الدقيقة الثامنة والأربعين، ثم يضيف الهدف الثاني من نقطة الجزاء في الدقيقة الثامنة والستين.
وفي لحظة بدت فيها الكأس قريبة من الضياع، أعاد عبد الرزاق حمد الله الروح إلى المدرجات بهدف التعادل في الدقائق الأخيرة، فاتحًا باب الأشواط الإضافية على مصراعيه.
بداية نارية وتقدم مغربي مبكر
دخل المنتخب الوطني المباراة بعزم واضح على فرض إيقاعه منذ اللحظات الأولى، ولم تمض سوى أربع دقائق حتى باغت أسامة طنان الدفاع الأردني بتسديدة رائعة من مسافة بعيدة، مستفيدًا من تمريرة بالكعب لأمين زوحزوح، كرة سكنت الشباك وأعلنت ميلاد نهائي بطعم الإثارة.
وعقب الهدف، واصل المغاربة بحثهم عن تعزيز التقدم عبر محاولات وليد أزارو وكريم البركاوي، الذي غادر المباراة اضطراريًا بسبب الإصابة، فيما فرض خط الوسط المغربي ضغطًا عاليًا أربك عملية بناء اللعب لدى المنتخب الأردني، وأغلق المنافذ أمام محاولاته للتقدم المنظم.
سيطرة في الوسط وإبداع جماعي
وأظهر المنتخب الوطني انسجامًا لافتًا في وسط الميدان، حيث تألق محمد ربيع حريمات في ضبط الإيقاع، وقدم أشرف المهديوي تمركزًا ذكيًا حدّ من خطورة الخصم، في وقت أبدعت فيه العناصر الوطنية في تبادل الكرات وتطبيق جُمل جماعية لقيت تفاعلًا كبيرًا من الجماهير التي ملأت مدرجات لوسيل، لينتهي الشوط الأول بتقدم مغربي مستحق.
تحول مجرى المباراة وردّ فعل مغربي
ومع بداية الشوط الثاني، نجح المنتخب الأردني في إدراك التعادل عبر رأسية لعلي علوان بعد كرة عرضية من الجهة اليسرى، مستغلًا هفوة دفاعية.
ولم تتوقف المفاجآت عند هذا الحد، إذ تحصل الأردن على ضربة جزاء بعد الرجوع إلى تقنية الفيديو المساعد، حولها علوان إلى هدف ثانٍ قلب موازين اللقاء.
وأمام هذا الوضع، تحرك الناخب الوطني طارق السكتيوي بجرأة، وأجرى تغييرات أعادت الحيوية لصفوف المنتخب، كان أبرزها دخول عبد الرزاق حمد الله، الذي لم يتأخر في ترك بصمته، مسجلًا هدف التعادل في الدقائق الأخيرة، ليؤكد أن المباريات الكبرى تُحسم بالنَّفَس الطويل.
حمد الله يحسم التتويج في الوقت الإضافي
وفي الشوط الإضافي الأول، كتب عبد الرزاق حمد الله الفصل الأخير من الحكاية، حين سجل هدف التتويج في الدقيقة المئة، إثر كرة مقصية مميزة من المدافع مروان سعدان، تابعها بقوة داخل الشباك، مانحًا المغرب هدفًا ثالثًا حمل معه الكأس والفرح.
ومع انطلاق الشوط الإضافي الثاني، عزز المنتخب الوطني صفوفه دفاعيًا، وأظهر صلابة عالية في حماية تقدمه، ليصمد أمام المحاولات الأردنية حتى صافرة النهاية، معلنًا تتويجًا مغربيًا ثانيًا في هذه التظاهرة العربية.
لوسيل: مسرح للذهب المغربي
بهذا الانتصار، يؤكد المنتخب الوطني المغربي حضوره القاري والعربي، ويبرهن أن الكرة المغربية قادرة على الجمع بين الأداء الجميل والنتيجة، بين الصبر والحسم، ليغادر لوسيل مرفوع الرأس، حاملًا كأس العرب، ومضيفًا صفحة جديدة إلى سجل الإنجازات الوطنية.
علاء البكري


