ينظم مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف بالكلية متعددة التخصصات في مدينة آسفي خلال يومي 12 و13 من الشهر الجاري ، ندوة وطنية بعنوان: «الكتابة السردية النسائية في المغرب: الصورة والمتخيل والأنساق الثقافية»، ، بمشاركة نخبة من الباحثين والمفكرين.
نقد غائب رغم غزارة الكتابة النسائية
وتسعى هذه الندوة العلمية إلى الحفر عميقًا في البنية الفنية والجمالية للكتابة النسوية في المغرب، بالنظر إلى غناها وغزارتها مقابل محدودية المتابعة النقدية الجادة.
ورغم المكانة البارزة التي حققتها مجموعة من الكاتبات المغربيات على الساحة الأدبية، لا تزال الدراسات النقدية المواكِبة أقل من أن تُحيط بهذا التراكم النوعي في الكتابة السردية النسائية.
وساهمت كاتبات مثل فاطمة المرنيسي، وفاطنة البويه، وليلى السليماني، ولطيفة لبصير، في تقديم نصوص أدبية أصيلة، ذات أبعاد تخييلية عميقة، طرقت قضايا جوهرية يصعب العثور عليها في تجارب سردية أخرى، مثل الجسد، والحرية، والسلطة، والهوية، والدين.
الصورة السردية وجمالياتها في المتن النسائي
وتركز الندوة على مساءلة مفهوم الصورة السردية ومداراتها الجمالية داخل المتن النسائي، باعتبارها مكونًا فنّيًا ينسج علاقة دقيقة بين اللغة والتخييل والواقع.
وتهدف المداخلات إلى تعميق التأمل في هذا النوع من الكتابة، الذي لا يُحتفى فيه فقط بتجليات الذات، بل يتوسع ليشمل تفاعلاتها مع تحولات الواقع اليومي وتعقيداته الاجتماعية والثقافية.
وترى بعض المداخلات أن التجارب النسائية المغربية تجاوزت نماذج التمركز حول الذات، لتقترح سرديات جديدة تُلامس قضايا تتقاطع مع الرأسمال الرمزي والديني والسياسي والتاريخي، كما تجلّى بوضوح في كتابات فاطمة المرنيسي التي أعادت تفكيك المنظومات الذكورية، أو في نصوص ليلى السليماني التي تناولت المسكوت عنه بجمالية سردية مقلقة وجريئة.
نحو مساءلة جديدة للأنساق الثقافية
وتندرج هذه الندوة في سياق علمي يروم إعادة مساءلة الأنساق الثقافية التي تنتظم داخلها الكتابة النسائية، سواء من حيث تمثلاتها للواقع أو آليات اشتغالها الفني. وهي دعوة مفتوحة للتأمل في التحولات التي طرأت على المتخيل السردي النسائي، والبحث في مدى قدرته على خلخلة الثوابت وإنتاج سرديات بديلة تتحدى التقاليد السردية الذكورية.
وبهذا، تشكّل ندوة آسفي لحظة تأمل جماعي في مستقبل الكتابة السردية النسائية في المغرب، من خلال استعادة نصوصها، ومساءلة جمالياتها، وفهم علاقتها بالتاريخ والتحولات الثقافية، بما يجعل من هذا اللقاء العلمي لبنة جديدة في تراكم نقدي لا بدّ أن يُكتب ويُعمّق.
